وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ ) (١).
وقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ) (٢).
وفي التوحيد بسنده عن الحسين بن بشار عن ثامن الأئمة صلوات الله عليه ، قال : سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون ، أولا يعلم إلاّ ما يكون؟
فقال : إنّ الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ، قال الله عزّ وجلّ : ( إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (٣) ، وقال لأهل النار : ( وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) (٤) ، فقد علم الله عزّ وجلّ أنّه لو ردّهم لعادوا لما نهوا عنه. (٥)
تنبيه
قد علمت فيما مضى أنّ حقيقة العلم نور مغاير لذواتنا ولجميع المعلومات بالحواس الظاهرة والمتصورات والموهومات والمعقولات. وصيرورتنا عالمين بالشيء إنّما هو بوجداننا ذلك النور الظاهر بذاته المظهر لغيره ، واستضاءتنا به ، فنحن محتاجون في ظهور الأشياء ـ بل في ظهور أنفسنا ـ إلى ذلك النور ، وأمّا الله تعالى فحيث إنّ ذاته عين العلم فلا يحتاج في ذاته وكمالاته إلى صفة زائدة على ذاته ، وهذا معنى قول العلماء بنفي الصفات الزائدة عنه تعالى ، أي لا يكون ذاته مركّبا من أجزاء ومعان ، فإنّ المركب يحتاج كل جزء منه في قوامه إلى الجزء الآخر ، والذات الازليّ منزّه عن ذلك الاحتياج أيضا.
وهي الاستيلاء والسلطنة على طرفي فعل الشيء وتركه ، بحيث إن شاء فعل ، وإن شاء لم يفعل ، وهي كمال فوق القوة ، وإن كان قد يطلق لفظها عليها ، فإنّ المنصرف من
__________________
(١) الحجر ٢٤.
(٢) لقمان ٣٤.
(٣) الجاثية ٢٩.
(٤) الأنعام ٢٨.
(٥) التوحيد ١٣٦ ، وعنه البحار ٤ : ٧٨.