القبر يوسّع لبعض الأموات سبعة أو تسعة أذرع (١) ، أو مدّ بصره (٢) ، أو مسيرة شهر ، ونحو ذلك.
ومنشأ عدم إدراك حقيقة هذه الأمور : الجهل بما أودع الله تعالى في الأجسام من الخواصّ والقوى والعوائق والأشعّة والأمواج والأستار الظاهرة والمستورة.
ويناسب هنا ذكر كلام المجلسيّ ـ قدسسره ـ في البحار ، فإنّ فيه ذكرا لبعض ما ذكرنا وزيادة عليه. قال : اعلم أنّ الذي ظهر من الآيات الكثيرة والبراهين القاطعة هو أنّ النفس باقية بعد الموت إمّا معذّبة إن كان ممّن محض الكفر ، أو منعّمة إن كان ممّن محض الإيمان ، أو يلهى عنه إن كان من المستضعفين ، وتردّ إليه الحياة إمّا كاملا أو إلى بعض بدنه ، كما مرّ في بعض الأخبار ، ويسأل بعضهم عن بعض العقائد وبعض الأعمال ، ويثاب ويعاقب بحسب ذلك ، وتضغط أجساد بعضهم ، وإنّما السؤال والضغطة في الأجساد الأصليّة ، وقد يرتفعان عن بعض المؤمنين ، كمن لقّن ، كما سيأتي ، أو مات في ليلة الجمعة أو يومها أو غير ذلك ممّا مرّ ، وسيأتي في تضاعيف أخبار هذا الكتاب. ثمّ تتعلّق الروح بالأجساد المثاليّة اللطيفة الشبيهة بأجسام الجنّ والملائكة ، المضاهية في الصورة للأبدان الأصليّة ، فينعّم أو يعذّب فيها. ولا يبعد أن تصل إليه الآلام ببعض ما يقع على الأبدان الأصليّة لسبق تعلّقه بها ... انتهى (٣).
تنبيه : في دفع شبهتين أوردوهما من قديم الأيام في المعاد الجسمانيّ
إحداهما المعروفة بشبهة الآكل والمأكول ، وبيانها بنحو الإجمال أنّه لو اتّفق أكل أحد الإنسانين ميتة الآخر لأجل المجاعة ونحوها ، وصار جزء منه بسبب الانحلال في معدة الآكل أو بسبب آخر كوصلة جزء من بدن أحدهما ببدن الآخر جزء منه ، فلو كان المعاد في القيامة بالأبدان أيضا فكيف يكون الإعادة ، وكيف الجزاء بدخول أحدهما
__________________
(١) البحار ٦ : ٢٢٤ ، ٢٦٢ ، عن تفسير القمّيّ وفروع الكافي.
(٢) البحار ٦ : ١٩٦ ، ٢٢٢ ، ٢٢٤ ، عن فروع الكافي وأمالي الصدوق وتفسير القمّيّ.
(٣) البحار ٦ : ٢٧٠.