وبمشيئته وبعلمه. وأما المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله ، وبقدر الله ، وبمشيئته وبعلمه ، ثم يعاقب عليها (١).
وفي التوحيد بإسناده إلى أبي محمّد العسكري عن أبيه عن جدّه عليهمالسلام قال : قال الرضا عليهالسلام في ما يصف به الربّ : لا يجوز في قضيّته ، الخلق إلى ما علم منقادون ، وعلى ما سطر في المكنون من كتابه ماضون ، ولا يعملون خلاف ما علم منهم ، ولا غيره يريدون ... (٢).
والجواب : عن الآية الاولى يظهر بملاحظة صدرها : ( فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ. ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ. فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ. فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ. قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ. وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ). (٣)
قال الطبرسي قدسسره في المجمع : أي وخلق ما عملتم من الأصنام. فكيف تدّعون عبادته وتعبدون معمولكم؟! وهذا كما يقال : فلان يعمل الحصير ، وهذا الباب من عمل فلان النجار ... فليس لأهل الجبر تعلق بهذه الآية في الدلالة على أنّ الله سبحانه خالق لأفعال العباد ، لأنّ من المعلوم أنّ الكفار لم يعبدوا نحتهم الذي هو فعلهم ، وإنّما كانوا يعبدون الأصنام التي هي الأجسام ، وقوله : « ما تنحتون » هو ما يعملون ، في المعني. على أنّ مبني الآية على التقريع للكفار والإزراء عليهم بقبيح فعلهم ، ولو كان معناه : والله خلقكم وخلق عبادتكم ، لكانت الآية إلى أن تكون عذرا لهم أقرب من أن تكون لوما وتهجينا ، ولكان لهم أن يقولوا : ولم توبّخنا على عبادتها والله تعالى هو الفاعل لذلك؟! فتكون الحجّة لهم لا عليهم. ولأنّه قد أضاف العمل إليهم بقوله : تعملون ، فكيف يكون مضافا إلى الله تعالى؟! وهذا تناقض ، ولما لزمتهم الحجة (٤). انتهى كلامه قدسسره.
أقول : ومنه يظهر الجواب عن الاستدلال بقوله تعالى : ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ
__________________
(١) التوحيد ٣٧٠. البحار ٥ : ٢٩ عنه وعن العيون والخصال.
(٢) التوحيد ٤٧ ، وعنه في البحار ٥ : ١٠١.
(٣) الصافات ٩١ ـ ٩٦.
(٤) مجمع البيان ٤ : ٤٥٠.