عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) (١) ، فإنّه أيضا منصرف عن أعمال العباد ، ولا سيّما بعد ملاحظة قوله تعالى : ( أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) (٢) ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) (٣) ( خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ. هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (٤).
وأمّا الآيات والروايات الدالة على أنّ الهداية والإيمان وسائر الأعمال بمشيئة الله وإرادته وقضائه فالجواب أنّ حكم العقل بنفي الجبر في الأعمال المقدورة للبشر ، وما دلّ من الآيات والروايات المذكورة لهذا الحكم العقلي والروايات المفسّرة لهذه الآيات ـ كما ستجيء جملة منها ـ قرينة قطعية على أنّ المراد من مشيئة الله تعالى وإرادته وتقديره وقضائه في الأفعال الاختيارية للبشر ليس بمعناها في غيرها ، وسيجيء توضيحها وبيان المراد منها.
الأدلّة النقليّة على نفي الجبر
في البحار عن العيون ... وقال الرضا صلوات الله عليه في روايته عن آبائه عن الحسين بن علي عليهماالسلام : دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : أجل يا شيخ! فو الله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر ، فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين ، فقال : مهلا يا شيخ ، لعلّك تظن قضاء حتما وقدرا لازما ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والأمر والنهي والزجر ، ولسقط معنى الوعد والوعيد ، ولم يكن على مسيء لائمة ، ولا لمحسن محمدة ، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب ، والمذنب أولى بالإحسان من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ،
__________________
(١) الزمر ٦٢.
(٢) النحل ١٧.
(٣) النحل ٢٠.
(٤) لقمان ١٠ ، ١١.