ومنهم من نزع إلى دعوى الإمامة بغير حقها. وذلك مع ما يرون في أنفسهم من النقص ، والعجز ، والضعف ، والمهانة ، والحاجة ، والآلام ، والمناوبة عليهم ، والموت الغالب لهم والقاهر لجميعهم. يا ابن الفضل إن الله تبارك وتعالى لا يفعل لعباده إلاّ الأصلح لهم ، ولا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون (١).
ومما يدلّ على ما ذكرنا روايات عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وابن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام ، وابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، والبزنطي عن رفاعة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وعمر بن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام (٢).
قال العلامة المجلسيّ ـ قدسسره ـ في باب الطينة والميثاق من بحار الأنوار ، بعد كلام الشيخ المفيد ـ قدسسره ـ وما خطر بباله الشريف من الإشكال في المسألة : طرح ظواهر الآيات والأخبار المستفيضة بأمثال تلك الدلائل الضعيفة والوجوه السخيفة جرأة على الله وعلى أئمّة الدين. ولو تأمّلت فيما يدعوهم إلى ذلك من دلائلهم وما يرد عليها من الاعتراضات الواردة لعرفت أنّ بأمثالها لا يمكن الاجتراء على طرح خبر واحد ، فكيف يمكن طرح تلك الأخبار الكثيرة الموافقة لظاهر الآية الكريمة ، بها وبأمثالها؟! وسيأتي الأخبار الدالّة على تقدّم خلق الأرواح على الأجساد في كتاب السماء والعالم ، وسنتكلم عليها ، (٣) انتهى.
أقول : ولا ينافي ذلك جلالة الشيخ المفيد قدسسره ، بل صدور مثل ذلك من مثله ثمّ كشف خلافه إنّما هو من الأدلّة على أن من قامت الحجة القطعية على وجوب عصمته ينحصر في الرسول والإمام المنصوب بشخصه من قبل الله تعالى شأنه. ويحكى عنه قدسسره نظير ذلك ، وهو حكمه بدفن حامل مع حملها.
وقال أيضا في باب آخر في خلق الأرواح قبل الأجساد : اعلم أنّ ما تقدّم
__________________
(١) البحار ٦١ : ١٣٣ ، عن علل الشرائع.
(٢) البحار ٣ : ٢٧٨ ـ ٢٨٠.
(٣) البحار ٥ : ٢٦٧.