يصح في حال نسبة ذلك الباطل إليهم وهم أعرف الناس بآياته ، وأعلمهم بمتشابهه ومحكمه وناسخه ومنسوخه.
قال الآلوسي ص : (٧٠) : « اعلم أن الشيعة يعتقدون أن بعثة الأنبياء عليهمالسلام واجبة على الله ولا يليق ذلك بمرتبة الربوبية فإن الله هو الحاكم الموجب ، فمن يحكم عليه بوجوب شيء نعم بعثة الأنبياء عليهمالسلام وتكليف العباد واقع حتما ولكن بمحض فضله ، ولو كانت بعثة الأنبياء عليهمالسلام واجبة عليه لم يمنن ببعثهم في كثير من الآيات » ثم أورد جملة من الآيات على عادته في سردها على غير هدى ، وستقف أخيرا على مخالفة ذلك لما تقول به الشيعة.
المؤلف : إن مذهب الشيعة أن الله تعالى لا يفعل القبيح ولا يخلّ بالواجب ، وأن جميع أفعاله حكم وصواب ، وأن ما يجب عليه يفعله ، وقد مرّ عليك معنى هذا الوجوب ، وأنه كتبه على نفسه بنفسه لا أن غيره أوجبه وكتبه عليه ، وخالفهم خصومهم في ذلك ، فقالوا : لا يفعل القبيح لأنه لا قبح منه ، ولا يفعل الواجب لأنه لا واجب عليه ، لذا تراهم أسندوا إلى الله تعالى جميع أفعال العباد الواقعة في كون الوجود من الكفور والفجور والشرور والعهور على أساس أنه لا يقبّح منه فعل شيء منها إطلاقا.
فالآلوسي يرى أن هذا يليق بمقام الربوبية ويليق به ـ والعياذ بالله ـ فعل الشرك واللّواط وشرب الخمر والزنا والسّرقة وكل أنواع الفسق والشرور وأنها مرادة له ، ولكنه يرى أنه لا يليق به تعالى على أساس منه ، وكرمه ولطفه بعباده أن يوجب على نفسه بنفسه أشياء بمقتضى حكمته لأنه حكيم لا يفعل إلاّ عن حكمة ومصلحة كبيرة لعباده كما تقول الشيعة ، وقد مرّ عليك برهانه من كتاب الله ومنطق العقل ، فالآلوسي خالف آية : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) وآية : ( قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) وغيرهما من الآيات ، فنسب إليه تعالى جميع معاصيه وآثامه ، فهو يرى أن من الرحمة أن يترك الله عباده المنتشرين في الأقطار والأمصار