وحينئذ فآية التحريم دالة على تحريم معظم ما يقصد من النساء عادة ، وهو أمران العقد والوطء ، فإن أريد العقد كما هو الظاهر من وقوعها في سياق أحكام النكاح الذي هو حقيقة فيه شرعا فدلالتها على فساد نكاح المذكورات وثبوت التحريم من الطرف الآخر معلومة مما سبق ، وإن أريد الوطء فالوجه في دلالتها أن المراد من تحريم وطء المذكورات أنه لا يحل بسبب محلل بالعقد وإلا فالتحريم بدونه ثابت لجميع النساء ، ولا ريب في أن تحريم الوطء بذلك المعنى يقتضي فساد العقد ، وفساد العقد يقتضي تحريمه من طرفي الموجب والقابل معا ، فيثبت المطلوب الذي هو استلزام التحريم من طرف التحريم من الطرف الآخر ، نعم لزوم العقد من أحد الطرفين لا يستلزم لزومه من الآخر لأن اللزوم معناه امتناع الفسخ ، ولا ريب في جواز اختصاصه بأحدهما وكون العقد من الآخر جائزا يسوغ له فسخه ، كما في كل عقد ثبت فيه الخيار من أحد الجانبين ، فإنه لازم من جانب الآخر كما صرح به الأصحاب ودلت عليه النصوص (١) فما قيل أو عساه يقال : إن العقد اللازم إنما يلزم من الطرفين لأن جوازه من أحدهما مناف للزوم العقد واضح الضعف ، والله العالم.
( فروع ثلاثة )
( الأول )
النسب يثبت مع النكاح الصحيح في نفس الأمر ، والمراد به هنا على ما ذكره غير واحد الوطء المستحق في نفس الأمر بأصل الشرع وإن حرم بالعارض لصوم أو حيض أو اعتكاف أو إحرام أو غير ذلك مما يجتمع تحريمه مع الزوجية أو الملك فيدخل حينئذ فيه وطء الجاهل بالاستحقاق ، كمن وطأ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ و ٤ ـ من أبواب الخيار من كتاب التجارة.