ونمنع الضيم من يبغي مضيمنا |
|
بكل مطّردٍ في الكف مسنون |
ومرهفاتٍ كأن الملح خالطها |
|
يشفي بها الداء من هام المجانين |
حتى تقرَّ رجالٌ لا حلوم لها |
|
بعد الصعوبة بالإِسماح واللين |
أو تؤمنوا بكتابٍ منزل عجبِ |
|
على نبي كموسى أو كذي النون |
وأكثر ما نسب من الشعر لأبي طالب يمكن إعتباره من وحي المناسبة ، وتخال وأنت تقرأ ما ورد من الشعر المنسوب إليه أنه كان يصب في مصبٍّ واحد ، وهو الدفاع عن محمد وعن دعوته ورسالته ، والتشهير بمناوئيه وتحديهم وتوعدهم ، سيما حين يرى استفزاز قريش لمحمد واستهزائهم به ، فمن ذلك قوله مشيراً إلى إصرار الهاشميين على افتدائه ببذل النفس والنفيس :
يرجون أن نسخى بقتل محمدَ |
|
ولم تختضب سمر العوالي من الدم |
كذبتم وبيت الله حتى تفلقوا |
|
جماجم تلقى بالحطيم وزمزم |
وتقطع أرحام وتنسى حليلةٌ |
|
حليلاً ويغشى محرمٌ بعد محرم |
على ما مضىٰ من مقتكم وعقوقكم |
|
وغشيانكم في أمركم كل مأثَم |
وظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى |
|
وأمرٌ أتىٰ من عند ذي العرش قيّم |
ومن مواقف أبي طالب التي تنم عن مدى شجاعته وهيبته وسطوته ، ومدى حبه واخلاصه لمحمد ، ما حدث له مع طواغيت مكة ، وهم : العاص بن وائل ، والحارث بن قيس ، والأسود بن المطلب ، والوليد بن المغيرة ، والأسود بن عبد يغوث الزهري (١) وكان هؤلاء من أشد الناس على
__________________
(١) في مجمع البيان : م ٢ ص ٣٤٦ في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) قال : وأتى جبرائيل النبي والمستهزؤن يطوفون بالبيت ، فقام جبرئيل ورسول الله إلى جنبه ، فمر به الوليد بن المغيرة ، فأومىٰ بيده إلى ساقه ، فمر الوليد على قين ـ حدّاد ـ لخزاعة وهو يجر ثيابه . فتعلقت بثوبه شوكة فمنعه الكبر أن يخفظ رأسه فينزعها وجعلت تضرب ساقه فخدشته فلم يزل مريضاً حتى مات .
ومر به العاص بن وائل السهمي فأشار جبرئيل إلى رجله فوطىء العاص على شوكة فدخلت في أخمص رجله ، فقال لدغتُ فلم يزل يحكها حتى مات .
=