وفيه أن البحث في أن مطلق المرض ولو يسيرا حرج أو لا ، وسهولته بالإضافة إلى الفرد الأخير من المرض لا ينافي دعوى عسره في نفسه ، إذ لا ريب في اختلاف أنواع المرض شدة وضعفا.
وكيف كان فالأقوى الأول لمنع الحرج فيه ، إذ المراد به المشقة التي لا تحتمل عادة ، وهو الذي يسقط عنده التكليف بالصوم والصلاة من قيام أو من جلوس وغير ذلك ، لا مجرد المرض الذي لا يعتد به في العادة ، فتأمل. وفيموثقة زرارة (١) قال : « سألت الصادق عليهالسلام ما حد المرض الذي يفطر به الرجل ويدع الصلاة من قيام ، فقال : بل الإنسان على نفسه بصيرة ، هو أعلم بما يطيقه » والمرض اليسير عند الخوف من سرايته إلى الشديد شديد.
ولا فرق فيما ذكرنا بين الصحيح الذي يخشى حدوث المرض اليسير باستعمال الماء أو طلبه ونحوهما وبين المريض كذلك ، إلا أن يحصل بانضمامه إلى ما فيه من المرض مشقة عظيمة ، ولا في المرض اليسير بين أن يكون من جنس ما فيه من المرض وعدمه إلا أن يحصل أيضا بالانضمام إلى الأول مشقة عظيمة ، ولعله لذا أطلقوا الأمر بالتيمم حتى حكي الإجماع عليه عند الخوف من زيادة المرض من غير تفصيل.
ولعل مجرد التألم الذي لا يتحمل عادة لمرض أو شدة برد ونحوهما مسوغ للتيمم وإن لم يخش التلف ولا الزيادة ولا غيرهما ، وفاقا للمحكي عن الأكثر ، بل عن ظاهر الغنية الإجماع عليه ، للحرج وإطلاق ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ) (٢) وترك الاستفصال في أخبار الجروح والقروح (٣) وغير ذلك ، وفحوى التيمم للشين ، واحتمال اندراجه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب القيام ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.
(٢) سورة النساء ـ الآية ٤٦ وسورة المائدة ـ الآية ٩.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب التيمم.