وغير ذلك ، وكلما زادت الصلاحية المزبورة إزدادت العبادة تعينا للعبودية ، وأوضح الافعال في الدلالة على عز المولوية وذل العبودية السجدة ، لما فيها من الخرور على الارض ، ووضع الجبهة عليها ، واما ما ربما ظنه بعض : من أن السجدة عبادة ذاتية ، فليس بشئ ، فإن الذاتي لا يختلف ولا يتخلف. وهذا الفعل يمكن أن يصدر بعينه من فاعله بداع غير داع التعظيم والعبادة كالسخرية والاستهزاء فلا يكون عبادة مع اشتماله على جميع ما يشتمل عليه وهو عبادة نعم معنى العبادة أوضح في السجدة من غيرها ، وإذا لم يكن عبادة ذاتية لم يكن لذاته مختصا بالله سبحانه ، بناء على أن المعبود منحصر فيه تعالى ، فلو كان هناك مانع لكان من جهة النهي الشرعي أو العقلي والممنوع شرعا أو عقلا ليس إلا إعطاء الربوبية لغيره تعالى ، وأما تحية الغير أو تكرمته من غير إعطاء الربوبية بل لمجرد التعارف والتحية فحسب ، فلا دليل على المنع من ذلك ، لكن الذوق الديني المتخذ من الاستيناس بظواهره يقضي باختصاص هذا الفعل به تعالى ، والمنع عن استعماله في غير مورده تعالى ، وان لم يقصد به إلا التحية والتكرمة فقط ، وأما المنع عن كل ما فيه إظهار الاخلاص لله ، بإبراز المحبة لصالحي عباده أو لقبور أوليائه أو آثارهم فمما لم يقم عليه دليل عقلي أو نقلي أصلا ، وسنعود إلى البحث عن هذا الموضوع في محل يناسبه إن شاء الله تعالى.
( بحث روائي )
في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لما أن خلق الله آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له فقالت الملائكة في انفسها : ما كنا نظن أن الله خلق خلقا أكرم عليه منا فنحن جيرانه ونحن أقرب الخلق إليه ، فقال الله : ألم أقل لكم إني أعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ، فيما أبدوا من أمر بني الجان وكتموا ما في أنفسهم ، فلاذت الملائكة الذين قالوا ما قالوا بالعرش
وفي التفسير أيضا عن علي بن الحسين عليهالسلام : ما في معناه وفيه : فلما عرفت الملائكة أنها وقعت في خطيئة لاذوا بالعرش ، وأنها كانت عصابة من الملائكه وهم الذين كانوا حول العرش ، لم يكن جميع الملائكة إلى أن قال : فهم يلوذون حول العرش إلى يوم القيامة.