وليس ذلك إلاّ من قبيل أن يدّعي عليه العشرة ، ثمن المبيع الذي باعه منه في يوم كذا ، بلفظ كذا ، في مكان كذا ، وهكذا ، ويريد بها الإحلاف على نفي جميع تلك الجزئيّات ، فإن أبى المدّعي إلاّ بأن يحلّفه كذلك ، ولم يرض بالحلف المطلق ، فللمدّعي عليه الإباء عنه أيضا ، فيتوقّف حتى يرضى المدّعي بالمطلق.
والحاصل : أنّه لا يجب عليه الحلف بالمقيّد ، وليس للمدّعي إجباره عليه ، للأصل السالم عن المعارض.
وقد عبّر الأكثر عن هذا القسم بأنّ المدّعى عليه لو أراد الحلف على نفي الاستحقاق المطلق ففي إجابته قولان ، أشهرهما : نعم. والمعنى واحد.
ثمَّ إنّهم قد يستدلّون على الإجابة وعلى عدم التسلّط على إجباره بالمقيّد بأنّه قد يكون للعدول من المطلق إلى المقيّد غرض صحيح ، بأن كان قد غصب أو استأجر أو سرق أو اشترى ، ولكن برئ من الحقّ بوجه من وجوه الإبراء ، وتكليفه بنفي المقيّد يوجب إما الكذب في الحلف ، أو وقوعه في مضيق طلب الإثبات.
وهو كان جيّدا لو كان المخالف ـ وهو الشيخ على ما حكي عنه (١) ـ يقول : بأنّ للمدّعي الإحلاف على نفي سبب التقييد ، كأن يحلف على أنّه ما اشتريت منك ، أو ما استأجرت ، أو ما سرقت.
ولكنّ الظاهر أنّ الخلاف إنّما هو في الإحلاف على نفي المقيّد ، كأن يحلف على أنّه ليس في ذمّتي ثمن المبيع ، أو وجه الإجارة ، أو ليس في يدي مغصوب منك.
__________________
(١) انظر المبسوط ٨ : ٢٠٧ ، وحكاه عنه في المسالك ٢ : ٣٧٣.