الموضع الثاني
في الحكم بالبيّنة
وفيه أيضا مسائل :
المسألة الاولى : وإن قال المدّعي : لي بيّنة ، استحضرها الحاكم منه وجوبا إن علم جهل المدّعي بانّ له الإحضار ، وجوازا مطلقا كما عليه الأكثر ، كما صرّح به جماعة ، ومنهم : الشيخان والديلمي والحلبي والقاضي في أحد قوليه (١) ، للأصل.
وخلافا للمبسوط والمهذّب والسرائر ، فلم يجوّزوه مطلقا ، لأنّه حقّ له ، فله أن يفعل ما يرى (٢).
وفيه : أنّ الأمر هنا للإرشاد دون الإيجاب.
ومنهم من فصّل بين علم الحاكم بمعرفة المدّعي بماله وجهله به (٣) ، والظاهر أنّ ذلك أيضا مراد المبسوط ومن تبعه ، كما أنّ الظاهر أنّ مرادهم نفي جواز الأمر الإيجابي ، ومراد المجوّزين الإرشادي ، فيعود نزاع الكلّ إلى اللّفظي. ثمَّ ـ بعد حضور البيّنة ـ يجيء الوجهان في سؤال الحاكم عنها قبل طلب المدّعي وعدمه ، ولعلّ الأقرب : الجواز.
المسألة الثانية : لا يتعيّن على المدّعي إذا كانت له بيّنة غائبة
__________________
(١) المفيد في المقنعة : ٧٢٣ ، الطوسي في النهاية : ٣٣٩ ، الديلمي في المراسم : ٢٣١ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ٤٤٦ ، حكاه عن القاضي في المختلف : ٦٩٠.
(٢) المبسوط ٨ : ١٥٩ ، المهذّب ٢ : ٥٨٥ ، السرائر ٢ : ١٥٨ ، ١٦٥.
(٣) كالعلاّمة في المختلف : ٦٩٠ ، والقواعد ٢ : ٢١٠ ، والشهيد في الدروس ٢ : ٩٠.