البيّنة فلا شكّ في عدم الحلف.
ولا مرسلة يونس المتقدّمة فيها أيضا (١) ، حيث قال : « فإن لم يكن شاهد فاليمين على المدّعى عليه » ، لأنّ جزاء الشرط هو كون اليمين متعيّنا ولازما على المدّعى عليه ، كما تدلّ عليه لفظة « على » ، ولا شكّ أنّه فرع عدم البيّنة ، وأما معها فلا يتعيّن عليه ، بل المدّعي بالخيار.
ولا المرويّ عن تفسير الإمام المتقدّم فيها أيضا (٢) ، حيث علّق تحليف الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم للمدّعى عليه بقوله : « وإن لم تكن له بيّنة » ، لأنّ المراد منه : وإن لم يقم البيّنة ، بقرينة ما تقدّم عليه من قوله : « فإن أقام بيّنة » ، ولأنّ المعلّق على عدم البيّنة هو تحليف الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو لا ينافي اختيار المدّعي ، فإنّ الحاكم ليس له خيار.
وعلى ما ذكر ، فلو كانت للمدّعي بيّنة وأعرض عنها والتمس اليمين ، أو قال : أسقطت البيّنة واكتفيت باليمين ، فهل يجوز الرجوع قبل الحلف؟
الأظهر الأشهر ـ كما صرّح به بعض من تأخّر (٣) ـ نعم ، لأصالة بقاء الخيار ، وعدم دليل على اللزوم بذلك الاختيار ، وأصالة عدم السقوط بذلك الإسقاط. ولا يعارضها استصحاب بقاء ما ثبت للحاكم بالتماسه من جواز تحليف المنكر أو وجوبه ، لأن المسلّم ثبوته له هو ثبوته ما دام المدّعى عليه باق على ذلك الاختيار.
المسألة الثالثة : إن قال المدّعي : لي بيّنة غائبة ، خيّره الحاكم بين الصبر إلى حضورها وبين الإحلاف ، لما عرفت من كونه مخيّرا بينهما ، فإن
__________________
(١) راجع ص : ٢٠١.
(٢) راجع ص : ٢٠١.
(٣) كالعلاّمة في التحرير ٢ : ١٩١.