قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

بحوث في الملل والنّحل [ ج ٣ ]

بحوث في الملل والنّحل [ ج ٣ ]

372/489
*

ابن المعتمر من معتزلة بغداد ، وإيضاح الحقّ يستدعي البحث عن أُمور :

الأوّل : تعريف اللّطف وبيان حقيقته وأقسامه.

إنّ اللّطف ، في اصطلاح المتكلّمين ، يوصف بوصفين :

١ ـ اللّطف المُحَصِّل.

٢ ـ اللّطف المُقَرِّب.

وهناك مسائل تترتّب على اللّطف بالمعنى الأوّل ، ومسائل أُخرى تترتّب على اللّطف بالمعنى الثاني ، وربّما يؤدّي عدم التّمييز بين المعنيين إلى خلط ما يترتّب على الأوّل بما يترتّب على الثاني .. ولأجل الاحتراز عن ذلك نبحث عن كلّ منهما بنحو مستقل.

١ ـ اللُّطف المحصِّل

اللُّطف المحصِّل : عبارة عن القيام بالمبادئ والمقدّمات الّتي يتوقّف عليها تحقّق غرض الخلقة ، وصونها عن العبث واللّغو ، بحيث لولا القيام بهذه المبادئ والمقدّمات من جانبه سبحانه ، لصار فعله فارغاً عن الغاية ، وناقَضَ حكمته الّتي تستلزم التحرّز عن العبث ، وذلك كبيان تكاليف الإنسان وإعطائه القدرة على امتثالها.

ومن هذا الباب بعث الرّسل لتبيين طريق السّعادة ، وتيسير سلوكها. وقد عرفت في الأدلّة السابقة ، أنّ الإنسان أقصر من أن ينال المعارف الحقّة ، أو يهتدي إلى طريق السّعادة في الحياة بالاعتماد على عقله ، والاستغناء عن التّعليم السماوي.

ووجوب اللّطف بهذا المعنى ، ليس موضع مناقشة لدى القائلين بحكمته سبحانه ، وتنزيهه عن الفعل العبثي الّذي اتّفق عليه العقل والنقل (١). وإنّما الكلام في « اللّطف المقرِّب » ، وإليك البيان فيه :

____________

١ ـ لاحظ سورة الذاريات : الآية ٥٦ وسورة المؤمنون : الآية ١١٥.