الفصل الثاني
المبادئ الفكرية للاعتزال
و خطب الإمام عليّ عليهالسلام
قد تعرّفت فيما مضى على تأريخ ظهور المعتزلة وأنّ الاعتزال بعنوان المنهج الفكري العلمي لا السياسي يرجع إلى أوائل القرن الثاني ، وذلك عندما اعتزل واصل بن عطاء عن حلقة الحسن البصري وشكّل حلقة دراسية فكريّة في مقابل اُستاذه ، والقرائن القطعيّة تؤكّد بظهوره في أوائل ذلك القرن ، فإنّ واصل بن عطاء من مواليد عام ٨٠ من الهجرة ، وقد توفّي اُستاذه الحسن البصري عام ١١٠، فمن البعيد أن يستطيع إنسان على تشكيل حلقة دراسيّة قابلة للذكر في مقابل الخطيب الحسن البصري ، وله من العمر دون العشرين. وهذا يؤكّد على أنّ الاعتزال ظهر في أوائل القرن الثاني.
ثمّ إنّ القول بالمنزلة بين المنزلتين وإن كان يعدُّ منطلق الاعتزال ، ومغرس بذره ، ولكن حقيقة الاعتزال لا تقوم بهذا الأصل ، ولا يعدّ الدرجة الاُولى من اُصوله ، فإنّ الأصلين التوحيد والعدل يعدّان حجر الأساس لهذا المنهج ، وسائر الاُصول في الدرجة الثانية.
وفي ضوء هذا يقف القارئ بفضل النصوص الآتية على أنّ الاعتزال أخذ ذينك الأصلين من البيت العلويّ عامّة ، ومن خطب الإمام عليّ عليهالسلام وكلماته خاصّة ، ولأجل ذلك يجب أن يعترف بأنّ الاعتزال أخذ الاُصول الأصليّة لمنهجه من بيت الولاية.