وقع في أسماء مرتكبي الكبائر من أهل الصّلاة ، فقالت الخوارج : إنّهم كفّار مشركون وهم مع ذلك فسّاق ، وقال بعض المرجئة : إنّهم مؤمنون لإقرارهم بالله ورسوله وبكتابه وبما جاء به رسوله وإن لم يعملوا به ، فاعتزلت المعتزلة جميع ما اختلف فيه هؤلاء وقالوا نأخذ بما اجتمعوا عليه من تسميتهم بالفسق وندع ما اختلفوا فيه من تسميتهم بالكفر والإيمان والنفاق والشّرك ، قالوا : لأنّ المؤمن وليّ الله ، والله يجبّ تعظيمه وتكريمه وليس الفاسق كذلك ، والكافر والمشرك والمنافق يجب قتل بعضهم وأخذ الجزية من بعض ، وبعضهم يعبد في السرّ إلهاً غير الله ، وليس الفاسق بهذه الصفة.
قالوا : فلمّا خرج من هذه الأحكام ، خرج من أن يكون مسمّى بأسماء أهلها وهذا هو القول بالمنزلة بين المنزلتين أي الفسق منزلة بين الكفر والإيمان » (١).
و يظهر هذا من البغدادي أيضاً قال : « ومنها اتّفاقهم على دعواهم في الفاسق من اُمّة الإسلام بالمنزلة بين المنزلتين وهي أنّه فاسق لا مؤمن ولا كافر ، ولأجل هذا سمّاهم المسلمون « معتزلة » لاعتزالهم قول الاُمّة بأسرها » (٢) وفي الوقت نفسه نقل البغدادي ، قصّة اعتزال « واصل » حلقة الحسن بنحو يوهم كون وجه التسمية هو اعتزال واصل مجلس الحسن. لاحظ ص ١١٨.
ويظهر من ابن المرتضى تأييده. قال في ذيل كلامه : « سمّي وأصحابه معتزلة لاعتزالهم كلّ الأقوال المحدّثة والمجبّرة ». ثمّ ردّ على من زعم أنّ إطلاق المعتزلة لمخالفتهم الاجماع بقوله : « لم يخالفوا الإجماع ، بل عملوا بالمجمع عليه في الصدر الأوّل ورفضوا المحدثات المبتدعة » (٣).
ويظهر هذا أيضاً من نشوان بن سعيد اليمني حيث قال :
« وسمّيت المعتزلة معتزلة لقولهم بالمنزلة بين المنزلتين وذلك أنّ المسلمين اختلفوا
____________
١ ـ باب ذكر المعتزلة من مقالات الاسلاميين للبلخي ص ١١٥.
٢ ـ الفرق بين الفرق : ص ٢١ و١١٥، ط دار المعرفة.
٣ ـ المنية والأمل : لأحمد بن يحيى المرتضى ص ٤ طبع دار صادر.