أو لاقبل أن يكون آخرا ، ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا ، كل مسمى بالوحدة غيره قليل ، وكل عزيز غيره ذليل ، وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ، وكل عالم غيره متعلم ، وكل قادر غيره يقدر ويعجز ، وكل سميع غيره يصم عن لطيف الاصوات ويصمه كبيرها ، ويذهب عنه ما بعد منها ، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الالوان ولطيف الاجسام ، وكل ظاهر غيره غير باطن ، وكل باطن غيره غير ظاهر ، لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ، ولا تخوف من عواقب زمان ، ولا استعانة على ند مثاور ، ولا شريك مكاثر ، ولاضد منافر ، ولكن خلائق مربوبون ، وعباد داخرون ، لم يحلل في الاشياء فيقال : هو فيها كائن ، ولم ينأعنها فيقال : هو منها بائن ، لم يؤده خلق ما ابتدأ ، ولا تدبير ماذرأ ، ولا وقف به عجز عما خلق ، ولا ولجت عليه شبهة فيما قضى وقدر ، بل قضاء متقن ، وعلم محكم ، وأمر مبرم ، المأمول مع النقم ، المرهوب مع النعم.
بيان : قوله عليهالسلام : لم تسبق له حال حالا إما مبني على مامر من عدم كونه تعالى زمانيا ، فإن السبق والتقدم والتأخر إنما تلحق الزمانيات المتغيرات ، وهو تعالى خارج عن الزمان : أو المعنى أنه ليس فيه تبدل حال وتغير صفة بل كل ما يستحقه من الصفات الذاتية الكمالية يستحقها أزلا وأبدا فلا يمكن أن يقال : كان استحقاقه للاولية قبل استحقاقه للآخرية ، أو كان ظاهرا ثم صار باطنا بل ، كان أزلا متصفا بجميع ما يستحقه من الكمالات ، وليس محلا للحوادث والتغيرات ، أو أنه لايتوقف اتصافه بصفة على اتصافه باخرى بل كلها ثابتة لذاته بذاته من غير ترتيب بينها ولعل الاوسط أظهر.
قوله عليهالسلام
: كل مسمى بالوحدة غيره قليل قيل : المعنى أنه تعالى لا يوصف
يالقلة وإن كان واحدا إذ المشهور من معنى الواحد كون الشئ مبدءا لكثرة يكون عادا
لها ومكيالا ، وهو الذي تلحقه القلة والكثرة الاضافيتان ، فإن كل واحد بهذا المعنى
هو قليل بالنسبة إلى الكثرة التي تصلح أن تكون مبدءا لها ، ولما كان تعالى منزها
عن الوصف بالقلة والكثرة لما يستلزمانه من الحاجة والنقصان اللازمين لطبيعة
الامكان
أثبت القلة لكل ما سواه فاستلزم إثباتها لغيره في معرض المدح له نفيها عنه ، وقيل
: