يتشيّع » ، مع أنّ النسائي من أكابر أئمتهم الثقات المعتمدين ، كما هو معروف ولا يحتاج إلى بيان ... فممن قال بترجمته « كان يتشيّع » هو ابن خلّكان ، وهذه عبارته : « خرج إلى دمشق ودخل ، فسئل عن معاوية وما روي من فضائله ، فقال : أما يرضى معاوية أن يخرج رأسا برأس حتى يفضّل! وفي رواية أخرى : ما أعرف له فضيلة إلاّ : لا أشبع الله بطنك.
وكان يتشيّع.
فما زالوا يدفعون في حضنه حتى أخرجوه من المسجد. وفي رواية أخرى : يدفعون في خصيتيه وداسوه ، ثم حمل إلى الرملة ومات بها » (١).
وعلى الجملة ، فلو كان التشيع قادحا لما وثّقوا النسائي ، ولا جعلوا كتابه أحد الصحاح الستّة ، ولا وصفوه بتلك الأوصاف الجليلة ...
وكذلك الحاكم النيسابوري ... قال الذّهبي بترجمته : « قال ابن طاهر : سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال : ثقة في الحديث ، رافضي خبيث. ثم قال ابن طاهر : كان شديد التعصّب للشيعة في الباطن ، وكان يظهر التسنّن في التقديم والخلافة ، وكان منحرفا عن معاوية وآله متظاهرا بذلك ولا يعتذر منه.
قلت : أمّا انحرافه عن خصوم علي فظاهر ، وأمّا أمر الشيخين فمعظّم لهما بكل حال ، فهو شيعي لا رافضي » (٢).
فمن كلام الذهبي يعلم أنّ التشيّع غير الرفض ، وأنّه ليس بقادح في الوثاقة والعدالة ، كما أن منه يظهر إمكان الجمع بين التشيع وتعظيم الشيخين ،
__________________
(١) وفيات الأعيان ١ / ٧٧.
(٢) تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٥.