مناقب أحمد بن حنبل ) التي ألّفها بعد ختم المسند سنة ١١٦٣ ما نصّه :
« قال ابن عساكر : أما بعد فإنّ حديث المصطفى ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ به يعرف سبل الإسلام والهدى ، ويبنى عليه أكثر الأحكام ، ويؤخذ منه معرفة الحلال والحرام. وقد دوّن جماعة من الأئمة ما وقع إليهم من حديثه ، فكان أكبر الكتب التي جمعت فيه هو المسند العظيم الشأن والقدر ، مسند الإمام أحمد ، وهو كتاب نفيس ، ويرغب في سماعة وتحصيله ويرحل إليه ، إذا كان مصنفه الإمام أحمد المقدّم في معرفة هذا الشأن ، والكتاب كبير القدر والحجم مشهور عند أرباب العلم ، يبلغ أحاديثه ثلاثين ألفا سوى المعاد ، وسوى ما ألحق به ابنه عبد الله من أعالي الأسناد ، وكان مقصود الإمام في جمعه أن يرجع إليه في الإعتبار من بلغه أو رواه ».
وجاء في الرسالة المذكورة أيضا : « قال ابن الجوزي : صحّ عند الإمام أحمد من الأحاديث سبعمائة ألف وخمسين ألفا. والمراد بهذه الأعداد الطّرق لا المتون ، أخرج منها مسنده المشهور الذي تلّقته الامة بالقبول والتكريم ، وجعلوه حجة يرجع إليه ويعوّل عند الإختلاف عليه. قال حنبل بن إسحاق : جمعنا عمي لي ولصالح ولعبد الله وقرأ علينا المسند ـ وما سمعه منه تامّا غيرنا ـ ثم قال لنا : هذا الكتاب قد جمعته وانتخبته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفا ، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله فارجعوا إليه ، فإن وجدتموه فيه فذاك وإلاّ فليس بحجة. وكان يكره وضع الكتب ، فقيل له في ذلك ، فقال : قد عملت هذا المسند إماما إذا اختلف الناس في سنّة من سنن رسول الله فارجعوا إليه ».
ولا تخفى الوجوه التي تشتمل عليها هذه العبارة ، فإنّ كلّ واحدة منها