بالهداية ويبدل من الذين بصلته (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) وهم اليهود (وَلَا) وغير (الضَّالِّينَ) (٧) وهم النصارى ، ونكتة البدل افادة أن المهتدين ليسوا يهودا ولا نصارى ، والله
____________________________________
محل رفع نائب (الْمَغْضُوبِ) وفيه عشر لغات ، ست مرويات عن القراء الثلاثة ، الأول منها سبعيات وهي : كسر الهاء وضمها مع إسكان الميم فيهما ، وكسر الهاء وضم الميم بواو بعد الضمة ، وكسر الهاء والميم بياء بعد الكسرة للإشباع ، وضم الهاء والميم بواو بعد الضمة وبدونها ، وأربع لم يقرأ بها وهي : ضم الهاء مع كسر الميم وإدخال ياء بعدها ، وضم الهاء وكسر الميم من غير ياء ، وكسر الهاء مع ضم الميم ، وكسر الهاء والميم من غير ياء. قوله : (ويبدل من الذين بصلته) أي بدل كل من كل ، ولا يضر إبدال النكرة من المعرفة ، وقيل : نعت ل (الَّذِينَ.) واستشكل بأنه يلزم نعت المعرفة بالنكرة وهو لا يصح ، لأن (غَيْرِ) متوغلة في الإبهام ، لا تتعرف بالإضافة كمثل وشبه وشبيه. وأجيب بجوابين ، الأول : أن (غَيْرِ) إنما تكون نكرة إذا لم تقع بين ضدين ، فأما إذا وقعت بين ضدين ، فتتعرف حينئذ بالإضافة تقول : عليك بالحركة غير السكون ، والآية من هذا القبيل والثاني : أن الموصول أشبه النكرات في الإبهام الذي فيه ، فعومل معاملة النكرات ، و (غَيْرِ) من الألفاظ الملازمة للإضافة لفظا أو تقديرا ، فإدخال أل عليها خطأ ، وقد يستثنى بها حملا على إلا ، كما يوصف بإلا حملا عليها.
قوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) بكسر الراء بدل كما قال المفسر ، أو نعت وتقدم ما فيه ، وهذه قراءة العامة ، وقرىء شذوذا بالنصب على الحال أو الاستثناء ، والغضب ثوران دم القلب لإرادة الانتقام ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «اتقوا الغضب فإنه جمرة تتوقد في قلب ابن آدم ، ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه» فإذا وصف به الله تعالى ، فالمراد به الانتقام أو إرادة الانتقام ، فهو صفة فعل أو صفة ذات ، وبنى الغضب للمجهول ، ولم يقل : غير الذين غضبت عليهم ، تعليما لعباده الأدب ، حيث أسند الخبر لنفسه ، وأبهم في الشر ، نظير قوله تعالى : (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها ، فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما ، وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ). قوله : (وهم اليهود) أي لقوله تعالى فيهم (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ) الآية ، ولحديث : «إن المغضوب عليهم هم اليهود ، وإن الضالين النصارى». قوله : (غير) (الضَّالِّينَ) أشار بذلك إلى أن (لَا) بمعنى غير فهي صفة ، ظهر إعرابها فيما بعدها ، ويؤيدها قراءة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب ، و (غير) (الضَّالِّينَ) بدل (لَا) وأتى بلا ثانيا ، لتأكيد معنى النفي المفهوم من (غَيْرِ) ولئلا يتوهم عطف (الضَّالِّينَ) على (غَيْرِ) فيكون من وصف (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) والضلال يطلق على الخفاء والغيبة ، ومنه قولهم : ضل الماء في اللبن ، والهلاك ومنه قوله تعالى : (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ ،) والنسيان ومنه قوله تعالى : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) والعدول عن الطريق المستقيم وهو المراد هنا ، وفي (الضَّالِّينَ) مدان : مد لازم على الألف بعد الضاد وقبل اللام المشددة ، وعارض على الياء قبل النون للوقف. قوله : (وهم النصارى) أي لقوله تعالى (وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ.) قوله : (إفادة أن المهتدين) أي المذكورين بقوله : (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) هو مصدوق (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) و (غير) (الضَّالِّينَ) فمصدوق العبارات الثلاث هم المؤمنون ، لكن استشكل بأن تفسير (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) بالفرق الأربعة المذكورة في سورة النساء ، لا يشتمل بقية المؤمنين ، وتفسير (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)