ذُرِّيَّتُهُمْ) المذكورين في الجنة ، فيكونون في درجتهم وإن لم يعملوا بعملهم تكرمة للآباء باجتماع الأولاد إليهم (وَما أَلَتْناهُمْ) بفتح اللام وكسرها نقصناهم (مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ) زائدة (شَيْءٍ) يزاد في عمل الأولاد (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ) عمل من خير أو شر (رَهِينٌ) (٢١) مرهون يؤاخذ بالشر ، ويجازى بالخير (وَأَمْدَدْناهُمْ) زدناهم في وقت بعد وقت (بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٢٢) وإن لم يصرحوا بطلبه (يَتَنازَعُونَ) يتعاطون بينهم (فِيها) أي الجنة (كَأْساً) خمرا (لا لَغْوٌ فِيها) أي بسبب شربها يقع بينهم (وَلا تَأْثِيمٌ) (٢٣) به يلحقهم بخلاف خمر الدنيا (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) للخدمة (غِلْمانٌ) أرقاء (لَهُمْ كَأَنَّهُمْ) حسنا ولطافة (لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) مصون في الصدف لأنه فيها أحسن منه في غيرها (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٢٥) يسأل بعضهم بعضا عما كانوا عليه وما وصلوا إليه تلذذا واعترافا بالنعمة (قالُوا) إيماء إلى علة الوصول (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي
____________________________________
فيقول : يا رب إني عملت لي ولهم ، فيؤمر بإلحاقهم به». قوله : (بفتح اللام وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فالأولى من باب علم ، والثانية من باب ضرب. قوله : (مِنْ) (زائدة) أي في المفعول الثاني. قوله : (يزداد في عمل الأولاد) أي لم نأخذ من عمل الآباء شيئا نجعله للأولاد ، فيستحقون به هذا الإكرام ، بل عمل الآباء باق لهم بتمامه ، وإلحاق الذرية بهم بمحض الفضل والكرم.
قوله : (رَهِينٌ) أي مرهون عند الله تعالى ، كأن نفس العبد مرهونة عند الله بعمله الذي هو مطالب به ، فإن عمل صالحا فكها من الرهن وإلا أهلكها ، كما يرهن الرجل رقبة عبده بدين عليه ، فإن وفى ما عليه ، خلص رقبته من الرهن ، وإلا استمر مرهونا. قوله : (في وقت بعد وقت) أخذه من لفظ الإمداد. قوله : (وإن لم يصرحوا بطلبه) أي بل بمجرد ما يخطر ببالهم يقدم إليهم ، لما ورد : أن الرجل يشتهي الطير في الجنة ، فيخر مثل البختي حتى يقع على خوانه ، لم يصبه دخان ، ولم تمسه نار ، فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير. قوله : (يتعاطون بينهم) أي يتجاذب بعضهم الكأس من بعض ، ويناول بعضهم بعضا تلذذا وتأنسا ، وهو المؤمن وزوجاته وخدمه في الجنة.
قوله : (كَأْساً) الكأس هو إناء الخمر ، وكل كأس مملوء بشراب أو غيره ، فإذا فرغ لم يسم كأسا. قوله : (غِلْمانٌ) (أرقاء) (لَهُمْ) أي كالأرقاء في الحيازة والاستيلاء ، وهؤلاء الغلمان يخلقهم الله في الجنة كالحور ، وقيل : هم الأولاد من أطفالهم الذين سبقوهم ، فأقر الله تعالى أعينهم بهم ، وقيل : هم أولاد المشركين ، وليس في الجنة نصب ولا حاجة إلى خدمة ، بل هو من مزيد التنعم ، قال عبد الله بن عمر : ما من أحد من أهل الجنة ، إلا يسعى عليه ألف غلام ، وكل غلام على عمل غير ما عليه صاحبه ، وروي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما تلا هذه الآية قالوا : يا رسول الله ، الخادم كاللؤلؤ المكنون فكيف المخدوم؟ قال : فضل المخدوم على الخادم ، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب. وروي أن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه ، فيجيبه ألف ببابه : لبيك لبيك ، وطواف الغلمان عليهم بالفواكه والتحف والشراب ، قال تعالى : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) قوله : (مصون في الصدف) جمع صدفة وهي غشاء الدر. قوله : (عمّا كانوا عليه) أي في الدنيا. قوله :