بها (أُولئِكَ) أي الأفاكون (لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٩) ذو إهانة (مِنْ وَرائِهِمْ) أي أمامهم لأنهم في الدنيا (جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا) من المال والفعال (شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ) أي الأصنام (أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠) (هذا) أي القرآن (هُدىً) من الضلالة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ) حظ (مِنْ رِجْزٍ ١١) أي عذاب (أَلِيمٌ) (١١) موجع (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ) السفن (فِيهِ بِأَمْرِهِ) بإذنه (وَلِتَبْتَغُوا) تطلبوا بالتجارة (مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٢) (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) من شمس وقمر ونجوم وماء وغيره (وَما فِي الْأَرْضِ) من دابة وشجر ونبات وأنهار وغيره أي خلق ذلك لمنافعكم (جَمِيعاً) تأكيد (مِنْهُ) حال أي سخرها كائنة منه تعالى (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١٣) فيها فيؤمنون (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ) يخافون (أَيَّامَ اللهِ) وقائعه أي اغفروا للكفار ما وقع
____________________________________
قوله : (اتَّخَذَها هُزُواً) أنث الضمير مع أنه عائد على (شَيْئاً) وهو مذكر مراعاة لمعناه وهو الآية ، ويصح عوده على (آياتِنا). قوله : (أي الأفاكون) جمع باعتبار معنى الأفاك ، وراعى أولا لفظه فأفرد. قوله : (أي أمامهم) أشار بذلك إلى أن الوراء ، كما يطلق على الخلف ، يطلق على الأمام ، كالجون يستعمل في الأبيض والأسود على سبيل الاشتراك. قوله : (ما كَسَبُوا ما) إما مصدرية كسبهم ، أو موصولة أي الذي كسبوه ، وهذان الوجهان يجريان في قوله : (وَلا مَا اتَّخَذُوا) ومقتض عبارة المفسر أنها فيهما موصولة ، حيث قال في الأول (من المال والفعال) وقال في الثاني (أي الأصنام). قوله : (هذا هُدىً) أي لمن اذعن له واتبعه وهم المؤمنون ، ووبال وخسران على الكفار ، قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً).
قوله : (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ) أي حلوا وملحا ، والمعنى : ذلله وسهل لكم السير فيه ، بأن جعله أملس الظاهر مستويا شفافا ، يحمل السفن ولا يمنع الغوص فيه. قوله : (بإذنه) أي إرادته ومشيئته ، ولو شاء لم تجر. قوله : (بالتجارة) أي والحج والغزو ، وغير ذلك من المصالح الدينية والدنيوية. قوله : (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي تصرفون النعم في مصارفها. قوله : (وغيره) أي كالملائكة فإنهم مسخرون لأهل الأرض ، يدبرون معاشهم ، وهذا سر قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) الآية. قوله : (تأكيد) أي حال مؤكدة. قوله : (حال) أي من ما ، ويصح أن يكون صفة لجميعا ، والمعنى الأول : سخر لكم هذه الأشياء كائنة منه أي مخلوقة له ، وعلى الثاني : جميعا كائنا منه تعالى. قوله : (يَتَفَكَّرُونَ) أي يتأملون في تلك الآيات.
قوله : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا) إلخ ، المراد بالغفر لهم ، تحمل أذاهم وعدم مقابلتهم بمثل ما فعلوا ، واختلف في هذه الآية ، فقيل مدنية ، وعليه فسبب نزولها كما قال ابن عباس : أنهم كانوا في غزوة بني المصطلق ، نزلوا على بئر يقال له : المريسيع ، فأرسل عبد الله بن أبي غلامه يستقي الماء ، فأبطأ عليه فلما أتاه قال له : ما حبسك؟ قال : غلام عمر ، قعد على طرف البئر ، فما ترك أحدا يتسقي حتى ملأ قرب النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقرب أبي بكر ، فقال عبد الله : ما مثلنا ومثل هؤلاء ، إلا كما قيل : سمن كلبك يأكلك ، فبلغ