الهدى (ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٣٤) نزلت في أصحاب القليب (فَلا تَهِنُوا) تضعفوا (وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) بفتح السين وكسرها ، أي الصلح مع الكفار إذا لقيتموهم (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) حذف منه واو لام الفعل الأغلبون القاهرون (وَاللهُ مَعَكُمْ) بالعون والنصر (وَلَنْ يَتِرَكُمْ) ينقصكم (أَعْمالَكُمْ) (٣٥) أي ثوابها (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) أي الاشتغال فيها (لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا) الله وذلك من أمور الآخرة (يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) (٣٦) جميعا بل الزكاة المفروضة فيها (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ) يبالغ في طلبها (تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ) البخل (أَضْغانَكُمْ) (٣٧) لدين الإسلام (ها أَنْتُمْ) يا (هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) ما فرض
____________________________________
وفي غيرها كالوقف والطهر خيرن |
|
فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما |
ولابن كمال باشا من الحنفية :
من النوافل سبع تلزم الشارع |
|
أخذا لذلك مما قاله الشارع |
صوم صلاة عكوف حجه الرابع |
|
طوافه عمرة إحرامه السابع |
قوله : (وَهُمْ كُفَّارٌ) الجملة حالية. قوله : (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) خبر (إِنَّ.) قوله : (في أصحاب القليب) هو بئر في بدر ، ألقيت فيه القتلى من الكفار ، لكن حكمها عام في كل كافر مات على كفره. قوله : (فَلا تَهِنُوا) الفاء فصيحة وقعت في جواب شرط مقدر ، أي إذا تبين لكم بالأدلة القطعية عن الإسلام ، وذل الكفر في الدنيا والآخرة (فَلا تَهِنُوا.) قوله : (بفتح السين وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وهذه الآية قيل ناسخة لآية (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) لأن الله منع من الميل إلى الصلح ، إذ لم يكن بالمسلمين حاجة إليه ، وقيل إنهما نزلتا في وقتين مختلفين فيجوز الصلح عند الضرورة والاحتياج إليه ، ولا يجوز عند القدرة والاستعداد ، فهذه الآية مخصصة للآية المتقدمة. قوله : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) الجملة حالية ، وكذا قوله : (وَاللهُ مَعَكُمْ.) قوله : (لام الفعل) أي وأصله الأعلوون بواوين ، الأولى لام الفعل ، والثانية واو الجمع ، تحركت الواو الأولى وانفتح ما قبلها ، قلبت ألفا فالتقى ساكنان فحذفت الألف. قوله : (بالعون والنصر) أي فالمراد معية معنوية. قوله : (ينقصكم) أي أو يفردكم عنها ، لأن الترة تطلق بالمعنيين ، يقال : وتره حقه بتره وترا نقصه ، وأوتر أرضه بمعنى أفرده.
قوله : (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) اللعب ما يشغل الإنسان ، وليس فيه منفعة في الحال ولا في المآل ، واللهو ما يشغل الإنسان عن مهمات نفسه. قوله : (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) أي لا يأمركم بإخراج جميع أموالكم في الزكاة ، بل يأمركم بإخراج بعضها. قوله : (فَيُحْفِكُمْ) عطف على الشرط و (تَبْخَلُوا) جوابه. قوله : (يبالغ في طلبها) أي حتى يستأصلها. قوله : (وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) (لدين الإسلام) أي أحقادكم وبغضكم لدين الإسلام ، وذلك لأن الإنسان جبل على محبة الأموال ، ومن نوزع في حبيبه ظهرت سرائره ، فمن رحمته على عباده ، عدم التشديد عليهم في التكاليف. قوله : (ها أَنْتُمْ ها) للتنبيه ، و (أَنْتُمْ) مبتدأ ، و (هؤُلاءِ) منادى ، وحرف النداء محذوف قدره المفسر ، و (تُدْعَوْنَ) خبره ، وجملة النداء معترضة بين المبتدأ والخبر.