مقدرتان (لا تَخافُونَ) أبدا (فَعَلِمَ) في الصلح (ما لَمْ تَعْلَمُوا) من الصلاح (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ) أي الدخول (فَتْحاً قَرِيباً) (٢٧) هو فتح خيبر ، وتحققت الرؤيا في العام القابل (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ) أي دين الحق (عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) على جميع باقي الأديان (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٢٨) أنك مرسل بما ذكر كما قال الله تعالى (مُحَمَّدٌ) مبتدأ (رَسُولُ اللهِ) خبره (وَالَّذِينَ مَعَهُ) أي أصحابه من المؤمنين مبتدأ خبره (أَشِدَّاءُ) غلاظ (عَلَى الْكُفَّارِ) لا يرحمونهم (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) خبر ثان ، أي متعاطفون متوادون كالوالد مع الولد (تَراهُمْ) تبصرهم (رُكَّعاً سُجَّداً) حالان (يَبْتَغُونَ) مستأنف يطلبون (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ) علامتهم مبتدأ (فِي وُجُوهِهِمْ) خبره ، وهو نور وبياض يعرفون به في الآخرة أنهم سجدوا في الدنيا (مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) متعلق بما تعلق به الخبر أي كائنة ، وأعرب حالا من ضميره المنتقل إلى الخبر
____________________________________
يقال : إن الله تعالى خالق للأشياء كلها ، وهو عالم بها قبل وقوعها ، فكيف وقع منه التعليق بالمشيئة ، مع أن التعليق إنما يكون من المخبر المتردد ، أو الشاك في وقوع المعلق ، والله منزه عن ذلك؟ فأجاب : بأن المقصود التبرك لا التعليق ، ويجاب أيضا : بأن المشيئة باعتبار جميع الجيش ، فإن الذين حضروا عمرة القضاء كانوا سبعمائة ، وأما باعتبار المجموع ، فالقضاء مبرم لا تعليق فيه ، ويجاب أيضا : بأنه حكاية عن كلام الملك المبلغ للرسول كلام الله ، أو حكاية عن كلام الرسول عليهالسلام.
قوله : (آمِنِينَ) حال مقارنة للدخول ، والجملة شرطية معترضة. قوله : (مقدرتان) دفع بذلك ما قد يقال : إن حال الدخول هو حال الإحرام ، وهو لا يتأتى معه حلق ولا تقصير. قوله : (لا تَخافُونَ) (أبدا) أشار بذلك إلى أنه غير مكرر مع قوله : (آمِنِينَ) والمعنى : آمنون في حال الدخول ، وحال المكث ، وحال الخروج ، وقد كان عند أهل مكة ، أنه يحرم قتال من أحرم ومن دخل المحرم ، فأفاد أنه يبقى أمنهم بعد خروجهم من الإحرام. قوله : (من الصلاح) أي وهو حفظ دماء المسلمين المستضعفين. قوله : (مِنْ دُونِ ذلِكَ) أي قبله. قوله : (هو فتح خيبر) وقيل هو صلح الحديبية ، وقيل هو فتح مكة.
قوله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ) تأكيد لتصديق الله رؤياه ، والمعنى : حيث جعله رسولا ، فلا يريه خلاف الحق. قوله : (بِالْهُدى) أي القرآن أو المعجزات. قوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) أي ليعليه على جميع الأديان ، فينسخ ما كان حقا ، ويظهر فساد ما كان باطلا. قوله : (بما ذكر) أي (بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ.) قوله : (كما قال) أشار بذلك إلى أن قوله : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) مؤكد لقوله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ.) قوله : (لا يرحمونهم) أي لا يرأفون بهم ، وذلك لأن الله أمرهم بالغلظة عليهم ، وقد بلغ من تشديدهم على الكفار ، أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن تمس أبدانهم. قوله : (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) أي فكان الواحد منهم إذا رأى أخاه في الدين صافحه وعانقه.
قوله : (تَراهُمْ رُكَّعاً) إما خبر آخر أو مستأنف ، والمعنى : أنهم في النهار على الأعداء أسود ، وفي الليل ركع سجود. قوله : (حالان) أي من مفعول (تَراهُمْ.) قوله : (مستأنف) أي واقع في جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل : ماذا يريدون بركوعهم وسجودهم؟ فقيل (يَبْتَغُونَ) الخ. قوله : (سِيماهُمْ فِي