الأصنام (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) في الحال (ما أَعْبُدُ) (٣) وهو الله تعالى وحده (وَلا أَنا عابِدٌ) في الاستقبال (ما عَبَدْتُّمْ) (٤) (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ) في الاستقبال (ما أَعْبُدُ) (٥) علم الله منهم أنهم لا يؤمنون ، وإطلاق ما على الله على وجه المقابلة (لَكُمْ دِينُكُمْ) الشرك (وَلِيَ دِينِ) (٦) الإسلام ، وهذا قبل أن يؤمر بالحرب ، وحذف ياء الاضافة السبعة وقفا ووصلا ، وأثبتها يعقوب في الحالين.
____________________________________
جماعة من الكفار مخصوصون ، علم الله تعالى عدم إيمانهم أصلا.
قوله : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) اعلم أنه اختلف المفسرون في هذه السورة ، هل فيها تكرار أو لا؟ فعلى الأول : هو للتأكيد ، وفائدته قطع أطماع الكفار ، وتحقيق الإخبار بأنهم لا يسلمون أبدا. وعلى الثاني : فكل جملة مقيدة بزمن غير الزمن الذي قيدت به الأخرى. فدرج المفسر على أن النفي الأول محمول على الحال ، والثاني على الاستقبال ، ودرج غيره على العكس ، وما يصح أن يكون موصولة بمعنى الذي ، فإن كان المراد بها الأصنام كما في الأولى والثالثة فالأمر واضح ، لأنهم غير عقلاء وما لغير العاقل ، وأما الثانية والرابعة فإما أن تكون واقعة على الله تعالى ، وتكون دليلا لمن يجوز وقوعها على العالم ، أو تجعل مصدرية والتقدير : ولا أنتم عابدون عبادتي ، أي مثل عبادتي ، ويصح أن يكون جميعها مصدرية أو موصولة ، أو الأوليان موصولتان ، والأخريان مصدريتان ، فتحصل أن ما في هذه السورة فيها أربعة أقوال ، الأول : أنها كلها بمعنى الذي. الثاني : أنها كلها مصدرية. الثالث : أن الأوليين بمعنى الذي ، والآخريين مصدريتان. الرابع : أن الأولى والثالثة بمعنى الذي ، والثالثة والرابعة مصدرية. إن قلت : ما الحكمة في التعبير في جانبه صلىاللهعليهوسلم بلفظ (أَعْبُدُ) وفي جانبهم بلفظ (عَبَدْتُّمْ)؟ أجيب : بأنه صلىاللهعليهوسلم وإن كان يعبد الله تعالى قبل البعثة ، إلا أنه لم يدع الناس إلا بعدها ، فلم يشتهر بها إلا حين الدعوة ، وأما هم فكانوا متلبسين قديما بعبادة الأصنام متظاهرين بها. قوله : (علم الله منهم أنهم لا يؤمنون) جواب عن سؤال مقدر حاصله : كيف يقنطهم من الإيمان ، مع أنه مبعوث لهدايتهم ، وقد كان حريصا على إيمانهم. وحاصل الجواب : أن هذا في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا ، فأخبر نبيه بذلك لتظهر شقاوتهم. قوله : (وإطلاق ما على الله) أي في الثانية والرابعة ، وأما في الأولى والثالثة فهي واقعة على الأصنام. قوله : (على وجه المقابلة) أي المشاكلة ، وهذا مبني على القول بأنه لا يجوز وقوع ما على العالم ، وأما على مذهب من يجوز ذلك ، فلا يحتاج للاعتذار بالمقابلة ، وكان المناسب للمفسر أن يقول : وإطلاق ما على العالم فصيح وحسنه المشاكلة.
قوله : (لَكُمْ دِينُكُمْ) الخ ، أتى بهاتين الجملتين المثبتين بعد جمل منفية ، لأنه لما كان الأهم تباعده عليهالسلام عن دينهم ، بدأ بالنفي سابقا ، فلما تحقق النفي رجع إلى خطابهم مهاندة لهم ، فهاتان الجملتان مؤكدتان لمجموع الجمل الأربع. قوله : (وَلِيَ دِينِ) بفتح الياء من (لِيَ) وإسكانها سبعيتان. قوله : (وهذا قبل أن يؤمر بالحرب) الإشارة راجعة إلى الآية الأخيرة ، وقيل : إلى جميع السورة ، وهذا مبني على أن المراد بالدين العبادة والتدين ، وقيل : إن المراد بالدين الجزاء ، أي لكم جزاء أعمالكم ، ولي جزاء أعمالي ، وعليه فلا نسخ. قوله : (وقفا ووصلا) أي لأنها من ياءات الزوائد ، فيراعى فيه رسم المصحف ، وهي غير ثابتة فيه اكتفاء بالكسر. قوله : (وأثبتها يعقوب) أي وهو من العشرة.