ردع (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣) (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٤) سوء عاقبة تفاخركم عند النزع ثم في القبر (كَلَّا) حقا (لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (٥) أي علما يقينا عاقبة التفاخر ما اشتغلتم به (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (٦) النار ، جواب قسم محذوف ، وحذف منه لام الفعل وعينه ، وألقى حركتها على الراء (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها) تأكيد (عَيْنَ الْيَقِينِ) (٧) مصدر لأن رأى وعاين بمعنى واحد (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَ) حذفت
____________________________________
الوجهين راجع إلى أن المراد بالزيارة ، إما الانتقال إلى الموت ، أو الانتقال من ذكر الأحياء إلى ذكر الأموات ، وتعدادهم والتفاخر بهم ، ومن ذلك ما يفعله أهل زماننا ، ومن زخرفة النعوش والقبور ، وما يتبع ذلك مما هو مذموم شرعا وطبعا ، وأما ذكر مكارم الأخلاق والطاعات فيجوز ، إن لم يكن على وجه التعجب ، بل على سبيل التحدث بالنعم أو ليقتدي به. قوله : (ردع) مشى المفسر على أن كلا الأولى والثانية حرف ردع ، والثانية بمعنى حقا ، ومشى غيره على التسوية بين الثلاثة ، فهي إما للردع أو بمعنى حقا ، وقيل : إنها في الثلاثة بمعنى ألا الاستفتاحية. قوله : (عند النزع ثم في القبر) لف ونشر مرتب فقوله : (عند النزع) راجع لقوله : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) الأول ، وقوله : (ثم في القبر) راجع للثاني ، و (ثُمَ) على بابها من المهلة ، وهذا قول علي بن أبي طالب ، والحكمة في حذف متعلق العلم من الأفعال الثلاثة ، أن الغرض هو الفعل لا متعلقة ، والعلم بمعنى المعرفة ، فيتعدى لمفعول واحد أشار له المفسر بقوله : (سوء عاقبة تفاخركم). قوله : (أي علما يقينا) أشار بذلك إلى أن إضافة العلم إلى (الْيَقِينِ) من إضافة الموصوف إلى صفته ، والمعنى : لو تعلمون ما بين أيديكم علما يقينا ما شغلكم التكاثر عن طاعة الله تعالى. قوله : (عاقبة التفاخر) بيان لمفعول العلم ، وقوله : (ما اشتغلتم به) جواب لو. قوله : (جواب قسم محذوف) أي ولا يصح أن يكون جوابا للو ، لأنه محقق الوقوع ، فلا يصح تعليقه ، والرؤية هنا بصرية تتعدى إلى مفعول واحد. قوله : (وحذف منه لام الفعل) أي وهي الياء ، وقوله وعينه أي وهو الهمزة ، لأن أصله ترءيون بوزن تفعلون ، نقلت حركة الهمزة للراء قبلها ، فسقطت الهمزة وتحركت الياء ، وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فالتقى ساكنان ، حذفت الألف لالتقاء الساكنين ، ثم دخلت نون التوكيد الثقيلة ، فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ، وحركت الواو بالضمة لالتقاء الساكنين ، ولم تحذف لعدم الدليل الذي يدل عليها. قوله : (تأكيد) هذا أحد قولين ، والآخر أن الأول هو رؤية اللهب ، والثاني وهو رؤية ذاتها ، وما فيها من أنواع العذاب.
قوله : (عَيْنَ الْيَقِينِ) صفة لمصدر محذوف ، أي لترونها رأية هي عين اليقين ، ووصفت هي سبب اليقين ، بكونها نفس اليقين مبالغة ، والفرق بين علم اليقين وعين اليقين ، أن علم اليقين هو إدراك الشيء من غير مشاهدة ، وعين اليقين الرؤية التي هي العلم به مع المشاهدة ، وأما حق اليقين فهو المشاهدة مع الملاصقة والممازجة ، وقد أخبر الله هنا بالأولين ، وأخبر بالثالث في سورة الواقعة حيث قال : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ) الآية.
قوله : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَ) الأظهر أن الخطاب للكفار ، لأنهم هم المشتغلون بالدنيا والتفاخر بلذاتها عن طاعة الله تعالى ، وقيل : هو عام في حق المؤمن والكافر ، فعن أنس أنه قال : لما نزلت الآية قام رجل أعرابي محتاج فقال : هل علي من النعم شيء؟ فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الظل والنعلان والماء البارد» ، والأولى أن