بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة التّكاثر
مكيّة
وآياتها ثمان
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلْهاكُمُ) شغلكم عن طاعة الله (التَّكاثُرُ) (١) التفاخر بالأموال والأولاد والرجال (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) (٢) بأن متم فدفنتم فيها ، أو عددتم الموتى تكاثرا (كَلَّا)
____________________________________
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة التكاثر مكية
وهي ثمان آيات
أي السورة التي ذكر فيها ذم التكاثر ، ومناسبتها لما قبلها ، أنه لما ذكر أهوال القيامة ذم اللاهين والمشتغلين عنها. قوله : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ) ألهى فعل ماض رباعي ، والكاف مفعول مقدم ، و (التَّكاثُرُ) فاعل مؤخر ، فالهمزة من بنية الكلمة تثبت ولو في الدرج ، والمعنى : شغلكم التباهي بكثرة الأموال عن عبادة ربكم ، و (التَّكاثُرُ) تفاعل كالتجاذب ، وهو يكون بين اثنين ، لأن أحد الشخصين المتفاخرين يقول لصاحبه : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) وأل في التكاثر للعهد ، وهو التكاثر في الدنيا ، ولذاتها وعلائقها المشغل عن حقوق الله تعالى. قوله : (عن طاعة الله) هي شاملة للواجبة والمندوبة. قوله : (والرجال) أي الانتساب إليهم كالأقرباء والأحباب.
قوله : (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) حتى غاية للإلهاء المذكور ، وهذا هو محط الذم ، وإلا فإن تاب من ذلك قبل موته ، قيل : وكأنه لم يحصل منه تكاثر. قوله : (بأن متم فدفنتم فيها) أي فيقال : زار قبره إذا مات ودفن ، والمعنى : ألهاكم حرصكم على تكثير أموالكم عن طاعة ربكم ، حتى أتاكم الموت وأنتم على ذلك ، ولا يقال : إن الزيارة تكون ساعة وتنقضي ، والميت يمكث في قبره لأنا نقول : إن الموتى يرتحلون من القبور للحساب ، فكان مدة مكثه في قبره زيارة له ، والمقابر جمع مقبرة بتثليث الباء ، وهي المحل الذي تدفن فيه الأموات. قوله : (أو عددتم الموتى) تفسير ثان للزيارة ، فعبر عن بلوغهم ذكر الموتى بزيارة المقابر تهكما بهم ، وعليه فزيارة المقابر كناية عن الانتقال من ذكر الإحياء إلى ذكر الأموات تفاخرا ، وإنما كان تهكما لأن زيارة القبور شرعت ، لتذكر الموت ورفض حب الدنيا ، وترك المباهاة والتفاخر ، وهؤلاء عكسوا ، حيث جعلوا زيارة القبور سببا لمزيد القساوة ، والاستغراق في حب الدنيا ، والتفاخر في الكثرة. فحاصل