أصحابها (فَأَثَرْنَ) هيجن (بِهِ) بمكان عدوهن أو بذلك الوقت (نَقْعاً) (٤) غبارا لشدة حركتهن (فَوَسَطْنَ بِهِ) بالنقع (جَمْعاً) (٥) من العدوّ أي صرن وسطه ، وعطف الفعل على الاسم لأنه في تأويل الفعل أي واللاتي عدون فأورين فأغرن (إِنَّ الْإِنْسانَ) الكافر (لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) (٦) لكفور يجحد نعمته تعالى (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ) أي كنوده (لَشَهِيدٌ) (٧) يشهد على نفسه بصنعه (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ) أي المال (لَشَدِيدٌ) (٨) أي لشديد الحب له فيبخل به (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ) أثير وأخرج (ما
____________________________________
الوقت المعتاد في الغارات ، يسيرون ليلا لئلا يشعر بهم العدو ، ويهجمون عليهم صباحا ، ليروا ما يأتون وما يذرون. قوله : (بمكان عدوهن) الخ ، أعاد الضمير على المكان وإن لم يتقدم له ذكر ، لأن العدو لا بد له من مكان ، وقوله : (أو بذلك الوقت) أي وقت الصبح ، فهما تفسيران ؛ وعلى كل فالباء من (بِهِ) بمعنى في.
قوله : (فَوَسَطْنَ) أتى بالفاء في هذا واللذين قبله ، لترتب كل على ما قبله ، فإن توسط الجمع مترتب على الإثارة المتقدمة على الإغارة المترتبة على العدو. قوله : (بالنقع) أشار بذلك إلى أن ضمير (بِهِ) عائد على النقع والباء للملابسة ، والمعنى : صرن وسط الجمع مع الأعداء ملتبسات بالنقع قوله : (أي صرن وسطه) أي الجمع ، ووسط بسكون السين إن صح حلول بين محله كما هنا ، وإلا فهو بالتحريك ، ويجوز على قلة إسكانها يقال : جلست وسط القوم بالسكون ، ووسط الدار بالتحريك. قوله : (على الاسم) أي على كل من الأسماء الثلاثة بدليل قوله : (واللاتي عدون) الخ ، وقوله : (لأنه) أي الاسم ، وقوله : (في تأويل الفعل) أي لوقوعه صلة لأل ، وإلى ذلك أشار ابن مالك بقوله :
واعطف على اسم شبه فعل فعلا |
|
وعكسا استعمل تجده سهلا |
قوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ) هذا هو جواب القسم. قوله : (الكافر) هذا أحد وجهين ، والآخر أن المراد به الجنس ، والمعنى : أن الإنسان مجبول على ذلك ، إلا من عصمه الله من تلك الخصال قوله : (لكفور) أي فيقال كند النعمة أي كفرها ، وبابه دخل ، وفي الحديث «الكنود الذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ـ أي عطاءه ـ ويضرب عبده» وقال ذو النون المصري : الهلوع والكنود هو الذي إذا مسه الشر جزوع ، وإذا مسه الخير منوع ، وقيل : هو الجهول لقدره ، وفي الحكم : من جهل قدره هتك ستره ، وقيل : هو الحقود الحسود.
قوله : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ) الضمير عائد على الإنسان ، واسم الإشارة عائد على الكنود ، والمعنى : أن الإنسان على كنوده لشهيد ، والمراد شهادته في الدنيا ، فإن حاله وعمله يدلان على كنوده وكفره ، وهذا ما مشى عليه المفسر ، وهذا أحد احتمالين ، والآخر أن الضمير في (إِنَّهُ) له عائد على الله تعالى ، والمعنى : وإن الله تعالى لشهيد على كنود الإنسان ، فيكون زيادة في الوعيد. قوله : (بصنعه) أي بما صنعه وعمله ، فالباء سببية. قوله : (لِحُبِّ الْخَيْرِ) متعلق بشديد ، قدم كالذي قبله رعاية للفواصل ، واللام للتقوية ، وحبه للمال يحمله على البخل ، وقيل : للتعليل ومعنى شديد بخيل.
قوله : (أَفَلا يَعْلَمُ) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة عليه ، والتقدير : أيفعل ما يفعل من