أُمِرُوا) في كتابيهم التوراة والإنجيل (إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ) أي أن يعبدوه ، فحذفت أن وزيدت اللام (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) من الشرك (حُنَفاءَ) مستقيمين على دين إبراهيم ودين محمد إذا جاء فكيف كفروا به (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ) الملة (الْقَيِّمَةِ) (٥) المستقيمة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) حال مقدرة ، أى مقدر خلودهم فيها من الله تعالى (أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ) (٦) (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (٧) الخليقة (جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ) إقامة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ
____________________________________
قوله : (وَما أُمِرُوا) الخ ، الجملة حالية مفيدة لقبح ما فعلوا ، والمعنى : تفرقوا بعد ما جاءتهم البينة ، والحال أنهم ما أمروا إلا بعبادة الله الخ. قوله : (وزيدت اللام) الأولى أن تجعل بمعنى الباء ، والمعنى : وما أمروا إلا بأن يعبدوا الخ. قوله : (مُخْلِصِينَ) حال من ضمير يعبدوا ، والإخلاص هو صفاء القلب من الأغيار ، بأن يكون مقصوده بالعمل على وجه الله تعالى. قوله : (حُنَفاءَ) حال ثانية ، والحنف في الأصل الميل مطلقا ، ثم استعمل في الميل إلى الخير ، وأما الميل إلى الشر فيسمى إلحادا ، والحنيف المطلق هو الذي يكون متبرئا عن أصول الملل الخمسة : اليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين ، وعن فروعها من جميع الاعتقادات الباطلة وتوابع ذلك ، وهو مقام المتقين ، فإذا ترقى العبد منه إلى ترك الشبهات ، خوف الوقوع في المحرمات ، فهو مقام الورعين ، فإذا زاد حتى ترك بعض المباحاة ، خوف الوقوع في الشبهات ، فهو مقام الأورع والزاهد ، فالآية جامعة لذلك كله.
قوله : (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ) عطف على (لِيَعْبُدُوا اللهَ) وخص الصلاة والزكاة لشرفهما. قوله : (وَذلِكَ) اسم الإشارة عائد على المأمور به من العبادة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. قوله : (الملة) (الْقَيِّمَةِ) قدره إشارة إلى أن (دِينُ) مضاف لمحذوف ، و (الْقَيِّمَةِ) صفة لذلك المحذوف ، دفعا لما يقال : إن إضافة (دِينُ) إلى (الْقَيِّمَةِ) من اضافة الموصوف إلى صفته ، وهي بمنزلة إضافة الشيء إلى نفسه ، وفيها خلاف. قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) شروع في بيان جزاء كل فريق ومقره. قوله : (فِي نارِ جَهَنَّمَ) خبر (إِنَ) والمعنى : أنهم مشتركون في جنس العذاب لا في نوعه ، لأن عذاب الكفار مختلف على حسب كفرهم. قوله : (حال مقدرة) أي من الضمير المستكن في الخبر. قوله : (من الله تعالى) متعلق ب (خلودهم) والمعنى : نحن ننتظر خلودهم ، بسبب اعتقادنا أن الله يخلدهم فيها ، فالتقدير منا ، والخلود المقدر من الله تعالى. قوله : (شَرُّ الْبَرِيَّةِ) أفعل تفضيل ، وذلك لأنهم أشر من قطاع الطريق ، لأنهم قطعوا طريق الحق على الخلق ، وأشر من الجهال ، لأن الكفر مع العلم أسوأ منه مع الجهل ، و (الْبَرِيَّةِ) بالهمز في الموضعين وتشديد الياء سبعيتان.
قوله : (جَزاؤُهُمْ) مبتدأ ، وقوله : (عِنْدَ رَبِّهِمْ) حال ، وقوله : (جَنَّاتُ عَدْنٍ) خبره ، وهذا من مقابلة الجمع بالجمع ، فيقتضي القسمة على الآحاد ، فيكون لكل واحد جنة ، وأدنى جنة الواحد مثل الدنيا ، وما فيها عشر مرات ، كما أفاده بعض المفسرين. قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي الأربعة : الخمر والماء والعسل واللبن. قوله : (خالِدِينَ فِيها) عاملة محذوف ، أي دخلوها وأعطوها ، وقوله :