شديد اللمم نصيب النساء والصبيان من الميراث مع نصيبهم منه ، أو مع مالهم (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) (٢٠) أي كثيرا فلا ينفقونه ، وفي قراءة بالفوقانية في الأفعال الأربعة (كَلَّا) ردع لهم عن ذلك (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) (٢١) زلزلت حتى ينهدم كل بناء عليها وينعدم (وَجاءَ رَبُّكَ) أي أمره (وَالْمَلَكُ) أي الملائكة (صَفًّا صَفًّا) (٢٢) حال أي مصطفين أو ذوي صفوف كثيرة
____________________________________
من أعظم الخصال فضيلة. قوله : (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ) التاء فيه مبدلة من الواو ، لأنه من الوراثة ، كما في تجاءة وتكاءة.
قوله : (أَكْلاً لَمًّا) أي جمعا ، فاللم الجمع ، يقال : لممت الشيء جمعته ، ومنه لم الله شعثه ، أي جمع ما تفرق من أموره. قوله : (أي شديدا) صفة لموصوف محذوف ، أي جمعا شديدا. قوله : (اللم نصيب النساء) الخ ، أي فإنهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان ، ويأكلون أنصباءهم ، أو يأكلون ما جمعه المورث من حلال وحرام ، عالمين بذلك ، إن قلت : إن السورة مكية ، وآية المواريث مدنية ، ولا يعلم الحل والحرمة إلا من الشرع ، أجيب : بأن حكم الإرث ، كان معلوما لهم من بقايا شريعة إسماعيل ، فهو ثابت عندهم بطريق عادتهم. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا ، وقرىء في السبع أيضا تحاضون ، وأصله تتحاضون ، حذفت إحدى التاءين ، أي لا يحض بعضكم بعضا. قوله : (ردع لهم عن ذلك) أي عن جمع المال وحبه ، وعدم إكرام اليتيم.
قوله : (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ) أي حصل رجها وزلزلتها لتسويتها. قوله : (دَكًّا دَكًّا) ليس تأكيدا ، بل التكرار للدلالة على الاستيعاب كقولك : رتبته بابا بابا ، أي بابا بعد باب ، وكذا يقال هنا : دكا بعد دك حتى تزول الجبال وتستوي الأرض. قوله : (أي أمره) دفع بذلك ما يقال : إن المجيء يقتضي الانتقال ، وهو على الله محال. فأجاب : بأن الكلام على حذف مضاف ، أي حصل أمره وظهر سلطانه وقهره وتجليه على عباده.
قوله : (صَفًّا صَفًّا) أي صفا بعد صف. لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن الخلائق إذا جمعوا في صعيد واحد ، الأولين والآخرين ، أمر الجليل جل جلاله بملائكة سماء الدنيا أن يتولوهم فيأخذ كل واحد منهم إنسانا وشخصا من المبعوثين ، انسا وجنا ووحشا وطيرا ، وحولوهم إلى الأرض الثانية ، أي التي تبدل ، وهي أرض بيضاء من فضة نورانية ، وصارت الملائكة من وراء الخلق حلقة واحدة ، فإذا هم أكثر من أهل الأرض بعشر مرات ، ثم إن الله تعالى يأمر ملائكة السماء الثانية ، فيحدقون بهم حلقة واحدة ، وإذا هم مثلهم عشرين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء الثالثة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، فإذا هم مثلهم ثلاثين ضعفا ، ثم تنزل ملائكة السماء الرابعة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، فيكونون أكثر منهم بأربعين ضعفا ، ثم تنزل ملائكة السماء الخامسة ، فيحدقون من ورائهم حلقة واحدة فيكونون مثلهم خمسين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء السادسة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، وهم مثلهم ستين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء السابعة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، وهم مثلهم سبعين مرة ، والخلق تتداخل وتندمج ، حتى يعلو القدم ألف قدم لشدة الزحام ، ويخوض الناس في العرق على أنواع مختلفة ، إلى الأذقان وإلى الصدور وإلى الحقوين وإلى الركبتين ، ومنهم من