(وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) تقاد بسبعين ألف زمام ، كل زمام بأيدي سبعين ألف ملك لها زفير وتغيظ (يَوْمَئِذٍ) بدل من إذا ، وجوابها (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) أي الكافر ما فرط فيه (وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) (٢٣) استفهام بمعنى النفي ، أي لا ينفعه تذكره ذلك (يَقُولُ) مع تذكره (يا) للتنبيه (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ) الخير والإيمان (لِحَياتِي) (٢٤) الطيبة في الآخرة ، أو وقت حياتي في الدنيا (فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ) بكسر الذال (عَذابَهُ) أي الله (أَحَدٌ) (٢٥) الذي لا يكله إلى غيره (وَ) كذا (لا يُوثِقُ) بكسر الثاء (وَثاقَهُ أَحَدٌ) (٢٦) وفي قراءة بفتح الذال والثاء ، فضمير عذابه ووثاقه للكافر ، والمعنى : لا يعذب أحد
____________________________________
يصيبه الرشح اليسير كالقاعد في الحمام ، ومنهم من تصيبه البلة ، بكسر الموحدة وتشديد اللام ، كالعاطش إذا شرب الماء ، وكيف لا يكون القلق والعرق والأرق ، وقد قربت الشمس من رؤوسهم ، حتى لو مد أحدهم يده لنالها ، وتضاعف حرها سبعين مرة ، وقال بعض السلف : لو طلعت الشمس على الأرض كهيئتها يوم القيامة ، لاحترقت الأرض وذاب الصخر وانشقت الأنهار ، فبينما الخلائق يمرجون في تلك الأرض البيضاء التي ذكرها الله حيث يقول : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) إذ جيىء بجهنم. الخ.
قوله : (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ) منصوب ب (جِيءَ) و (بِجَهَنَّمَ) قائم مقام الفاعل قوله : (كل زمام بأيدي سبعين ألف ملك) أي يجرونها حتى تقف عن يسار العرش ، قال أبو سعيد الخدري : لما نزل (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) تغير لون رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعرف في وجهه ، حتى اشتد على أصحابه ثم قال : أقرأني جبريل (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) الآية ، (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) قال علي رضي الله عنه : قلت : يا رسول الله ، كيف يجاء بها؟ قال : يؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام ، يقول بكل زمام سبعون ألف ملك ، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ، ثم تعرض لي جهنم فتقول : ما لى ولك يا محمد ، إن الله قد حرم لحمك علي ، فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي ، إلا محمد صلىاللهعليهوسلم فإنه يقول : يا رب أمتي أمتي. قوله : (لها زفير) أي صوت شديد. قوله : (وتغيظ) أي غليان كغليان صدر الغضبان. قوله : (بدل من إذا) أي والعامل فيها يتذكر الذي هو الجواب ، وهذا مذهب سيبويه ، وقال غيره البدل على نية تكرار العامل ، فالعامل في البدل محذوف ، نظير عامل المبدل منه.
قوله : (وَأَنَّى) اسم استفهام خبر مقدم ، و (الذِّكْرى) مبتدأ مؤخر ، و (لَهُ) متعلق بما تعلق به الظرف. قوله : (استفهام بمعنى النفي) أي فهو انكاري. قوله : (للتنبيه) أي والتحسر قوله : (الخير والإيمان) أشار بذلك إلى أن مفعول (قَدَّمْتُ) محذوف. قوله : (لِحَياتِي) اللام إما للتعليل أي لأجل حياتي هذه الكائنة في الآخرة ، أو بمعنى وقت ، والمراد بالحياة الحيا الدنيوية ، وقد أشار لها المفسر. قوله : (بكسر الذال) وقوله : (بكسر الثاء) ، أي فأحد فاعل فيهما. قوله : (أي لا يكله إلى غيره) أي لا يأمر غيره بمباشرته ، والمراد بالغيرة غير الملائكة ، فلا ينافي أنه تعالى يكله إلى ملائكة العذاب ، لأنهم يباشرونه بإذن الله وأمره لهم ، ويحتمل أن المعنى : لا يعذب أحد من خلق الله تعذيبا ، مثل تعذيب الله هذا الكافر ، ولا يوثق أحد من خلق الله إيثاقا مثل إيثاق الله لهذا الكافر ، وكل صحيح. قوله : (وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) أي لا يشد ولا يربط بالسلاسل والأغلال أحد مثل ربطه وشده. قوله : (وفي قراءة بفتح الذال والثاء) أي وهما سبعيتان ، و (أَحَدٌ) على هذه القراءة نائب الفاعل بهما الذي هو الله تعالى ، أو الزبانية المتولون العذاب بأمره تعالى. قوله : (مثل تعذيبه) مصدر مضاف للمفعول وهو الكافر.