إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ) في ملكه (الْحَمِيدِ) (٨) المحمود (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٩) أي ما أنكر الكفار على المؤمنين إلا إيمانهم (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ
____________________________________
به حتى وقع شقاه ، ثم جيء بالغلام فقيل له : ارجع عن دينك فأبى ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال لهم : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا ، فاصعدوا به الجبل ، فإذا بلغتم ذروته ، فإن رجع عن دينه ، وإلا فاطرحوه ، فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فرجف بهم الجبل فسقطوا ، وجاء يمشي إلى الملك ، فقال له الملك : ما فعل أصحابك؟ قال : كفانيهم الله ، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور ، فتوسطوا به البحر ، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه ، فذهبوا به فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ، وجاء يمشي إلى الملك ، فقال له الملك : ما فعل أصحابك؟ قال : كفانيهم الله تعالى ، فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به ، قال : وما هو؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، وتصلبني على جذع ثم تأخذ سهما من كنانتي ، ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الغلام ، ثم ارمني ، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ، فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ، ثم أخذ سهما من كنانته ، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : بسم الله رب الغلام ، ثم رماه فوقع السهم في صدغه ، فوضع يده على صدغه موضع السهم فمات ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ثلاثا ، فأتى الملك فقال له : أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد والله نزل بك حذرك ، قد آمن الناس ، فأمر بالأخدود فخدت بأفواه السكك ، وأضرم النيران وقال : من لم يرجع عن دينه فاحموه ، ففعلوا حتى جاءت امرأة معها صبي لها ، فتقاعست أن تقع فيها ، فقال لها الغلام : يا أماه اصبري فإنك على الحق». وروي عن مقاتل : كانت الأخاديد ثلاثة : واحدة بنجران باليمن ، وأخرى بالشام ، وأخرى بفارس ، حرق أصحابها بالنار. أما التي بالشام والتي بفارس ، فلم ينزل الله فيهما قرآنا ، وأنزل في التي كانت بنجران ، وذلك أن رجلا مسلما ممن يقرأ الإنجيل ، أجر نفسه في عمل وجعل يقرأ الإنجيل ، فرأت بنت المستأجر النور يعني من قراءة الإنجيل ، فذكرت لأبيها فسأله فلم يخبره ، فلم يزل به حتى أخبره بالدين والإسلام فتابعه على دينه هو وسبعة وثمانون إنسانا ما بين رجل وامرأة ، وهذا بعد ما رفع عيسى إلى السماء ، وقبل مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم بسبعين سنة ، فسمع ذلك الرجل اسمه يوسف بن ذي نواس ، فخذلهم في الأرض وأوقد لهم فيها ، فعرضهم على الكفر ، فمن أبى أن يكفر قذفه في النار ، ومن رجع عن دين عيسى لم يقذفه. وروي أن امرأة جاءت ومعها ولد صغير لا يتكلم ، فلما قامت على شفير الخندق ، نظرت إلى ابنها فرجعت عن النار ، فضربت حتى تقدمت فلم تزل كذلك ثلاث مرات ، فلما كانت في الثالثة ذهبت ترجع ، فقال لها ابنها : يا أماه إني أرى أمامك نارا لا تطفأ ، يعني نار جهنم ، إن لم تقعي في هذه النار ، فلما سمعت ذلك قذفا جميعا أنفسهما في النار ، فجعلهما الله في الجنة ، فقذف في النار في يوم واحد سبعة وسبعين إنسانا. وروي غير ذلك.
قوله : (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) الخ ، أي ما عابوا منهم إلا إيمانهم ، وإنما عبر بالمستقبل مع أن الإيمان وقع منهم في الماضي ، لأن تعذيبهم الإنكار ليس للإيمان الذي وجد منهم في الماضي ، بل لدوامهم عليه في المستقبل ، إذ لو كفروا في المستقبل ، لما عذبوا على ما مضى ، فكأنه قال : إلا أن يستمروا على إيمانهم. قوله : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بيان لكونه العزيز الحميد. قوله : (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ