كانَ بِهِ بَصِيراً) (١٥) عالما برجوعه إليه (فَلا أُقْسِمُ) لا زائدة (بِالشَّفَقِ) (١٦) هو الحمرة في الأفق بعد غروب الشمس (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) (١٧) جمع ما دخل عليه من الدواب وغيرها (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) (١٨) اجتمع وتمّ نوره ، وذلك في الليالي البيض (لَتَرْكَبُنَ) أيها الناس ، أصله تركبونن حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ، والواو لالتقاء الساكنين (طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) حالا بعد حال ، وهو الموت ثم الحياة ، وما بعدها من أحوال القيامة (فَما لَهُمْ) أي الكفار (لا يُؤْمِنُونَ) (٢٠) أي أيّ مانع لهم من الإيمان؟ أو أي حجة لهم في تركه مع وجود براهينه؟ (وَ) ما لهم (إِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) (٢١) يخضعون بأن يؤمنوا به لإعجازه (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) (٢٢) بالبعث وغيره (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) (٢٣) يجمعون في صحفهم من الكفر والتكذيب وأعمال السوء
____________________________________
مثله ، والجملة سادة مسد مفعولي (ظَنَّ). قوله : (يرجع إلى ربه) أي فالحور الرجوع والتردد في الأمر وبابه : قال ودخل. قوله : (بَلى) جواب النفي ، وقوله : (إِنَّ رَبَّهُ) الخ ، جواب قسم مقدر ، فهو بمنزلة التعليل للجملة المستفاد من (بَلى).
قوله : (فَلا أُقْسِمُ) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر ، أي إذا عرفت هذا (فَلا أُقْسِمُ) الخ. قوله : (بِالشَّفَقِ) أي وهو اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس ، وهو الحمرة التي تكون عند ذلك سمي شفقا لرقته ، ومنه الشفقة على الإنسان ، وهي رقة القلب عليه. قوله : (وَما وَسَقَ ما) موصول اسمي أو نكرة موصوفة أو مصدرية. قوله : (جمع ما دخل عليه) أي ضم ما كان منتشرا بالنهار من الخلق والدواب والهوام. قوله : (وغيرها) أي كالأشجار والبحار ، فإنه إذا دخل الليل انضم وسكن. قوله : (وذلك في الليالي البيض) أي وهي ليلة الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر.
قوله : (لَتَرْكَبُنَ) جواب القسم ، بضم الباء خطاب للجمع ، وبفتحها خطاب للواحد ، قراءتان سبعيتان. قوله : (طَبَقاً) مفعول به أو حال. قوله : (بعد حال) أشار بذلك إلى أن عن بمعنى بعد صفة لطبق. قوله : (وهو الموت ثم الحياة) الخ ، هذا قول ابن عباس ، وقال عكرمة : رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ ، وقيل : المعنى لتركبن سنن من قبلكم وأحوالكم. قوله : (فَما لَهُمْ) الفاء لترتيب ما بعدها من الإنكار والتعجيب على ما قبلها ، من أحوال يوم القيامة وأهواله الموجبة للإيمان لظهور الحجة ، لأن ما أقسم به من التعبيرات العلوية والسفلية ، يدل على خالق عظيم القدرة ، يبعد عمن له عقل عدم الإيمان به والإنقياد له.
قوله : (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ) أي من أي قارىء ، وهذا شرط ، وجوابه (لا يَسْجُدُونَ) وهذه الجملة الشرطية في محل نصب على الحال ، معطوفة على الحال السابقة ، وهي قوله : (لا يُؤْمِنُونَ). قوله : (لا يخضعون) أي فالمراد بالسجود اللغوي لا العرفي ، وهذا أحد قولين ، والآخر أن المراد به السجود الحقيقي الذي هو سجود التلاوة ، وقد اختلف الأئمة في ذلك. قوله : (في صحفهم) الأوضح أن