وجواب إذا وما عطف عليها محذوف دلّ عليه ما بعده تقديره لقي الانسان عمله (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ) جاهد في عملك (إِلى) لقاء (رَبِّكَ) وهو الموت (كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (٦) أي ملاق عملك المذكور من خير أو شر يوم القيامة (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ) كتاب عمله (بِيَمِينِهِ) (٧) هو المؤمن (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) (٨) هو عرض عمله عليه كما فسر في حديث الصحيحين وفيه : من نوقش الحساب هلك ، وبعد العرض يتجاوز عنه (وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ) في الجنة (مَسْرُوراً) (٩) بذلك (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ) (١٠) هو الكافر تغل يمناه إلى عنقه ، وتجعل يسراه وراء ظهره ، فيأخذ بها كتابه (فَسَوْفَ يَدْعُوا) عند رؤيته ما فيه (ثُبُوراً) (١١) ينادي هلاكه بقوله : يا ثبوراه (وَيَصْلى سَعِيراً) (١٢) يدخل النار الشديدة ، وفي قراءة بضم الباء وفتح الصاد واللام المشدّدة (إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ) عشيرته في الدنيا (مَسْرُوراً) (١٣) بطرا باتباعه لهواه (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ) مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف أي إنه (لَنْ يَحُورَ) (١٤) يرجع إلى ربه (بَلى) يرجع إليه (إِنَّ رَبَّهُ
____________________________________
قوله : (فَمُلاقِيهِ.) قوله : (تقديره لقي الإنسان) الخ ، قدره غيره علمت نفس وهو أحسن ، لأنه تقدم في التكوير والانفطار وخير ما فسرته بالوارد.
قوله : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) إلخ يحتمل أن المراد به الجنس ، وبه قال سعيد وقتادة ، ويحتمل أنه معين وهو الأسود بن عبد الأسد ، وقيل أبي بن خلف ، وقيل جميع الكفار. قوله : (إِنَّكَ كادِحٌ) الكدح العمل والكسب والسعي. قوله : (إِلى رَبِّكَ إِلى) حرف غاية ، والمعنى : غاية كدحك في الخير أو الشر ، ينتهي بلقاء ربك وهو الموت. قوله : (فَمُلاقِيهِ) إما معطوف على (كادِحٌ) وخبر مبتدأ محذوف ، أي فأنت ملاقيه ، والجملة معطوفة على جملة (إِنَّكَ كادِحٌ.) قوله : (أي ملاق عملك) أشار بذلك إلى أن الضمير في ملاقيه ، عائد على الكدح الذي هو بمعنى العمل ، والكلام على حذف مضاف ، أي ملاق حسابه وجزاءه ، ويصح أن يكون عائدا على الله تعالى ، والمعنى ملاق ربه فلا مفر له منه. قوله : (هو المؤمن) أي ولو عاصيا مستحقا للنار. قوله : (هو عرض عمله عليه) أي بأن تعرض أعماله ، ويعرف أن الطاعة منها هذه ، وأن المعصية هذه ، ثم يثاب على الطاعة ، ويتجاوز عن المعصية ، فهذا هو الحساب اليسير ، لأنه لا شدة فيه على صاحبه ولا مناقشة ، ولا يقال له : لم فعلت هذا؟ ولا يطالب بالعذر ولا بالحجة عليه. قوله : (كما فسر في حديث الصحيحين) أي هو ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حوسب عذب» قالت عائشة فقلت : أو ليس يقول الله عزوجل (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) فقال : «إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب هلك» وفي رواية عذب.
قوله : (وَيَنْقَلِبُ) أي يرجع بنفسه. قوله : (إِلى أَهْلِهِ) أي من الآدميات والحور العين وأصوله وفروعه. قوله : (وراء ظهره) منصوب بنزع الخافض. قوله : (تغل يمناه) إلخ ، قصد بذلك التوفيق بين هذه الآية وآية (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ.) قوله : (ينادي هلاكه) أي يتمناه إذا نداء ما لا يعقل هو تمنيه. قوله : (بطرا) أي فخرا أو رياء ، فأبدله الله بذلك حزنا وغما لا ينقطع ابدا. قوله : (إِنَّهُ ظَنَ) أي تيقن وعلم. قوله : (مخففة من الثقيلة) أي ولا يصح أن تكون مصدرية ، لما يلزم عليه من دخول الناصب على