آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (٣٤) (عَلَى الْأَرائِكِ) في الجنة (يَنْظُرُونَ) (٣٥) من منازلهم إلى الكفار وهم يعذبون ، فيضحكون منهم كما ضحك الكفار منهم في الدنيا (هَلْ ثُوِّبَ) جوزي (الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٣٦)؟ نعم.
____________________________________
أنفسهم لا بإصلاح المؤمنين.
قوله : (فَالْيَوْمَ) منصوب ب (يَضْحَكُونَ) الواقع خبرا عن المبتدأ ، ولا يضر تقدمه على المبتدأ لأمن اللبس ، وذلك أن الظرف المبهم لا يصح وقوعه خبرا عن المبتدأ ، بخلاف : في الدار زيد قام ، فلا يجوز تقديم الجار والمجرور على المبتدأ ؛ لصلاحيته للخبرية. قوله : (يَنْظُرُونَ) حال من ضمير (يَضْحَكُونَ.) قوله : (من منازلهم) قال كعب : لأهل الجنة كوى ، ينظرون منها إلى أهل النار ، وقيل : حصن شفاف بينهم يرون منه حالهم ، وفي سبب هذا الضحك وجوه منها : أن الكفار كانوا في ترفه ونعيم ، فيضحكون من المؤمنين بسبب ما هم فيه من البؤس والضر ، وفي الآخرة ينعكس الحال ؛ فيكون المؤمنون في النعيم ، والكفار في الجحيم. ومنها : أنه يقال لأهل النار وهم فيها اخرجوا ، وتنفتح أبوابها لهم ، فإذا رأوها وقد فتحت أبوابها ، أقبلوا عليها يريدون الخروج ، والمؤمنون ينظرون إليهم ، فإذا انتهوا إلى أبوابها ، أغلقت دونهم ، يفعل ذلك بهم مرارا. ومنها : أنهم إذا دخلوا الجنة وأجلسوا على الأرائك ، ينظرون إلى الكفار كيف يعذبون في النار ، يرفعون أصواتهم بالويل والثبور ، ويلعن بعضهم بعضا ، فهذا سبب ضحكهم.
قوله : (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ) الخ ، يحتمل أنه مقول قول محذوف ، والتقدير : يقول الله لأهل الجنة ، أو يقول بعض المؤمنين لبعض : (هَلْ ثُوِّبَ) الخ ، ويحتمل أنه متعلق بينظرون ، والمعنى : ينظرون هل جوزي الكفار؟ فمحلها نصب ، إما بالقول المحذوف ، أو ينظرون ، وقوله : (جوزي) أشارة إلى أن التثويب بمعنى الجزاء ، وهو يكون في الخير والشر ، والمراد هنا الثاني ، وقوله : (نعم) جواب الاستفهام على كل.