الشهوات (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) (٤١) وحاصل الجواب فالعاصي في النار ، والمطيع في الجنة (يَسْئَلُونَكَ) أي كفار مكة (عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) (٤٢) متى وقوعها وقيامها؟ (فِيمَ) في أي شيء (أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) (٤٣) أي ليس عندك علمها حتى تذكرها (إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) (٤٤) منتهى علمها لا يعلمه غيره (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ) إنما ينفع إنذارك (مَنْ يَخْشاها) (٤٥) يخافها (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا) في قبورهم (إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) (٤٦) أي عشية يوم أو بكرته وصح إضافة الضحى إلى العشية لما بينهما من الملابسة ، إذ هما طرفا النهار ، وحسن الاضافة وقوع الكلمة فاصلة.
____________________________________
الشهوات) متعلق بالمردي والباء سببية. قوله : (وحاصل الجواب) الخ ، أشار بذلك إلى أن (أَمَّا) لمجرد التأكيد وليست للتفصيل ، لعدم تقدم مقتضيه ، وصار المعنى (فالعاصي في النار) الخ ، وفيه أنه يحوج لتكلف ، فالأحسن ما قدمناه من أن الجواب محذوف ، والآية دليل عليه. قوله : (أَيَّانَ مُرْساها) تفسير لسؤالهم.
قوله : (فِيمَ أَنْتَ فِيمَ) خبر مقدم ، و (أَنْتَ) مبتدأ مؤخر ، وقوله : (مِنْ ذِكْراها) متعلق بما تعلق به الخبر ، والاستفهام انكاري ، والمعنى : ما أنت من ذكراها لهم ، وتبيين وقتها في شيء ، فليس لك علم بها حتى تخبرهم به ، وهذا قبل اعلامه بوقتها ، فلا ينافي أنه صلىاللهعليهوسلم لم يخرج من الدنيا حتى أعلمه الله بجميع مغيبات الدنيا والآخرة ، ولكن أمر بكتم أشياء ، منها كما تقدم التنبيه عليه غير مرة. قوله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) أي إنك مرسل بالإنذار لمن يخافها ، وهو لا يتوقف على علم المنذر بوقت قيامها ، وخص من يخشى بالذكر لأنه المنتفع بها ، وقد أشار له المفسر بقوله : (إنما ينفع انذارك). قوله : (يخافها) أي يخاف هولها.
قوله : (كَأَنَّهُمْ) أي كفار قريش. قوله : (إِلَّا عَشِيَّةً) هي من الزوال إلى غروب الشمس ، قوله : (أَوْ ضُحاها) أي ضحى عشية من العشايا ، وهي البكرة إلى الزوال ، والمراد ساعة من نهار من أوله أو آخره ، لا عشية بتمامها ، أو ضحوة بتمامها. قوله : (أي عشية يوم) الخ ، أشار بذلك إلى أن التنوين عوض عن المضاف إليه. قوله : (وصح إضافة الضحى) الخ ، جواب عن سؤال مقدر تقديره العشية ، لا ضحى لها ، وإنما الضحى لليوم ، فما وجه إضافة الضحى لضمير العشية؟ فأجاب : بأنهما لما كانتا من يوم واحد ، كانت بينهما ملابسة ، فصح إضافة احداهما للأخرى. قوله : (وقوع الكلمة فاصلة) أي رأس آية تناسب رؤوس الآي قبلها.