والعشب ، وما يأكله الناس من الأقوات والثمار ، وإطلاق المرعى عليه استعارة (وَالْجِبالَ أَرْساها) (٣٢) أثبتها على وجه الأرض لتسكن (مَتاعاً) مفعول له لمقدر ، أي فعل ذلك متعة أو مصدر تمتيعا (لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) (٣٣) جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) (٣٤) النفخة الثانية (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) بدل من إذا (ما سَعى) (٣٥) في الدنيا من خير وشر (وَبُرِّزَتِ) أظهرت (الْجَحِيمُ) النار المحرقة (لِمَنْ يَرى) (٣٦) لكل راء ، وجواب إذا (فَأَمَّا مَنْ طَغى) (٣٧) كفر (وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا) (٣٨) باتباع الشهوات (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) (٣٩) مأواه (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) قيامه بين يديه (وَنَهَى النَّفْسَ) الأمّارة (عَنِ الْهَوى) (٤٠) المردي باتباع
____________________________________
السماء ، ثم دحا الأرض. قوله : (وإطلاق المرعى عليه) أي على ما يأكله الناس. قوله : (استعارة) أي مجاز ، فاستعمل المرعى في مطلق المأكول للإنسان ، وغيره من استعمال المقيد في المطلق ، أو هو استعارة تصريحية ، حيث شبه أكل الناس برعي الدواب. قوله : (مفعول له المقدر) أي لفعل مقدر ، وقوله : (أو مصدر) أي تمتيعا ، كالسلام بمعنى التسليم ، وهو لفعل مقدر أيضا تقديره متعناكم بها تمتيعا. قوله : (وَلِأَنْعامِكُمْ) خص الأنعام لشرفها ، وإلا فهو متاع لسائر دواب الأرض.
قوله : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) الفاء فاء الفصيحة ، أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره إذا علمت ما تقدم الخ. قوله : (الطَّامَّةُ الْكُبْرى) أي الداهية التي تعلو على الدواهي ، فهي أعظم من كل عظيم ، وخص ما هنا بالطامة الكبرى ، موافقة لقوله قبل (فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) بخلاف ما في عبس ، فإنه لم يتقدمه شيء من ذلك ، فخصت بالصاخة ، وهي الصوت الشديد الواقع بعد الداهية الكبرى فناسب جعل الطم للسابقة والصخ للاحقة. قوله : (بدل من إذا) أي بدل كل أو بعض.
قوله : (وَبُرِّزَتِ) عطف على (جاءَتِ) والعامة على بنائه للمفعول مشددا ، و (لِمَنْ يَرى) بياء الغيبة مبنيا للفاعل ، ومعناه يبصر ، وهو مثل في الأمر المنكشف الذي لا يخفى على أحد. قوله : (لكل راء) أي من كل من له عين وبصر من المؤمنين والكفار ، لكن الناجي لا ينصرف بصره إليها فلا يراها بالفعل ، والكافر هي مأواه. قوله : (وجواب إذا) (فَأَمَّا مَنْ طَغى) الخ فيه نوع تساهل ، لأن قوله : (فَأَمَّا مَنْ طَغى) الخ ، بيان لحال الناس في الدنيا ، وقوله : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ) الخ ، بيان لحالهم في الآخرة ، فالأولى ما سلكه غيره ، من أن الجواب محذوف ، يدل عليه التفصيل المذكور تقديره : دخل أهل النار النار ، وأهل الجنة الجنة. قوله : (باتباع الشهوات) أي المحرمات. قوله : (مأواه) أي فأل عوض عن الضمير العائد على (مَنْ طَغى).
قوله : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) مقابل قوله : (فَأَمَّا مَنْ طَغى) الخ ، واعلم أن الخوف من الله تعالى مرتبتان : مرتبة العامة وهي الخوف من العذاب ، ومرتبة الخاصة وهي الخوف من جلال الله تعالى ، والآية صادقة بهما ، وأضيف المقام لله تعالى ، وإن كان وصفا للعبد ، من حيث كونه بين يديه ومقاما لحسابه. قوله : (الأمارة) قيد بها لأنها هي تكون مذمومة الهوى ، وأما غيرها فهواها محمود ، لما في الحديث : «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تابعا لما جئت به». قوله : (المردي) أي المهلك ، قوله : (باتباع