الزاي بإدغام التاء الثانية في الأصل فيها تتطهر من الشرك بأن تشهد أن لا إله إلا الله (وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ) أدلك على معرفته بالبرهان (فَتَخْشى) (١٩) فتخافه (فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) (٢٠) من آياته التسع وهي اليد أو العصا (فَكَذَّبَ) فرعون موسى (وَعَصى) (٢١) الله تعالى (ثُمَّ أَدْبَرَ) عن الإيمان (يَسْعى) (٢٢) في الأرض بالفساد (فَحَشَرَ) جمع السحرة وجنده (فَنادى) (٢٣) (فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) (٢٤) لا رب فوقي (فَأَخَذَهُ اللهُ) أهلكه بالغرق (نَكالَ) عقوبة (الْآخِرَةِ) أي
____________________________________
قوله : (فَقُلْ هَلْ لَكَ) الخ ، أمر الله تعالى موسى عليهالسلام بأن يقول له قولا لينا ، لعله يتذكر أو يخشى ، فخاطبه بالاستفهام الذي معناه العرض ، ليجره إلى الهدى باللطف والرفق. قوله : (أدعوك) الخ ، هذا حل معنى لا حل اعراب ، واعرابه أن (هَلْ لَكَ) خبر مبتدأ محذوف ، و (إِلى أَنْ تَزَكَّى) متعلق بذلك المبتدأ ، والتقدير : هل ثبت لك سبيل وميل إلى التزكية. قوله : (وفي قراءة بتشديد الزاي) أي سبعية أيضا ، وقوله : (بإدغام التاء الثانية) أي على التشديد ، وأما على التخفيف ففيه حذف إحدى التاءين.
قوله : (وَأَهْدِيَكَ) معطوف على (تَزَكَّى) وقوله : (أدلك على معرفته بالبرهان) الخ ؛ إشارة إلى أن الدلالة على المعرفة تحصل بعد التطهر من الشرك ، فهي واجبة وجوب الفروع ، وأما التطهر بالدخول في الإسلام فمن وجوب الأصول. قوله : (فَتَخْشى) جعل الخشية غاية للهدى لأنها ملاك الأمور ، إذ هي خوف مع تعظيم ، فمن خشي ربه أتى منه كل خير ، فالخشية أعظم من الخوف ، واعلم أن أوائل العلم بالله ، الخشية من الله ، ثم الإجلال ، ثم الهيبة ، ثم الفناء عما سواء.
قوله : (فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) عطف على محذوف تقديره : فذهب إليه وقال له ما ذكر ، فطلب منه آية فأراه الخ ، والضمير المستتر فيه عائد على موسى ، والبارز عائد على فرعون ، وهو المفعول الأول ، والثاني قوله : (الْآيَةَ الْكُبْرى) صفة للآية. قوله : (أو العصا) هذا هو التحقيق ، إذ كل ما في اليد حاصل في العصا وتزيد أمورا أخرى فغاية ما في اليد انقلاب لونها ، ولا شك أن العصا كما انقلبت حية ، لا بد وأن يتغير لونها وتزيد القوة الشديدة ، وابتلاعها أشياء كثيرة ، وكونها تصير حيوانا ، ثم تصير جمادا ، وغير ذلك ، إذ كل واحد من هذه الوجوه معجز ، ولا يصح أن يراد بالآية الكبرى مجموع معجزاته ، لأن ما ظهر على يده من بقية الآيات ، إنما كان بعد ما غلب السحرة.
قوله : (فَكَذَّبَ) (فرعون موسى) أي في كون ما أتى به من عند الله. قوله : (وَعَصى) أي بعد ما رأى الآيات. قوله : (ثُمَّ أَدْبَرَ) أي تولى وأعرض عن الإيمان. قوله : (يَسْعى) حال من الضمير في (أَدْبَرَ.) قوله : (جمع السحرة) أي للمعارضة ، وقوله : (وجنده) أي للقتال ، وكان السحرة اثنين وسبعين ، اثنان من القبط ، والسبعون من بني اسرائيل ، وتقدم في الأعراف جملة أقوال في عددهم ، وكانت عدة بني اسرائيل ستمائة ألف وسبعين ألفا ، وعدة جيش فرعون ألف ألف وستمائة ألف.
قوله : (فَنادى) أي بنفسه أو بمناديه. قوله : (فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) أي بعد ما قال له موسى : رب أرسلني إليك ، فإن آمنت بربك تكون أربعمائة سنة في النعيم والسرور ، ثم تموت فتدخل الجنة ، فقال : حتى أستشير هامان ، فاستشاره فقال : أتصير عبدا بعد ما كنت ربا؟ فعند ذلك جمع السحرة