عِظاماً نَخِرَةً) (١١) وفي قراءة ناخرة بالية متفتتة نحيا (قالُوا تِلْكَ) أي رجعتنا إلى الحياة (إِذاً) إن صحت (كَرَّةٌ) رجعة (خاسِرَةٌ) (١٢) ذات خسران ، قال تعالى (فَإِنَّما هِيَ) أي الرادفة التي يعقبها البعث (زَجْرَةٌ) نفخة (واحِدَةٌ) (١٣) (فَإِذا هُمْ) أي كل الخلائق (بِالسَّاهِرَةِ) (١٤) بوجه الأرض أحياء بعد ما كانوا ببطنها أمواتا (هَلْ أَتاكَ) يا محمد (حَدِيثُ مُوسى) (١٥) عامل في (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) (١٦) اسم الوادي بالتنوين وتركه فقال تعالى (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) (١٧) تجاوز الحد في الكفر (فَقُلْ هَلْ لَكَ) أدعوك (إِلى أَنْ تَزَكَّى) (١٨) وفي قراءة بتشديد
____________________________________
عِظاماً) بالية نرد ونبعث؟ والاستفهام لتأكيد الإنكار. قوله : (نَخِرَةً) من نخر العظم ، فهو نخر وناخر ، وهو البالي الأجوف الذي تمر به الريح فيسمع له نخير أي تصويت.
قوله : (قالُوا تِلْكَ) الخ ؛ حكاية لكفر آخر ، مفرع على كفرهم السابق ، و (تِلْكَ) مبتدأ مشار بها للرجفة ، والرد في (الْحافِرَةِ) ، و (كَرَّةٌ) خبرها ، و (خاسِرَةٌ) صفة أي ذات خسران ، والمعنى : إن كان رجوعنا إلى القيامة حقا كما تقول ، فتلك الرجعة رجعة خاسرة لعدم عملنا لها. قوله : (إِذاً) حرف جواب وجزاء عند الجمهور دائما ، وقيل : قد لا تكون جوابا. قوله : (ذات خسران) أي والمراد خسران أصحابها. قوله : (قال تعالى) أشار بذلك إلى أن هذا من كلامه تعالى ردا عليهم. قوله : (نفخة) سميت زجرة لأنها صيحة لا يمكن التخلف عنها. قوله : (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) جواب شرط محذوف قدره بقوله : (فإذا نفخت) وسميت ساهرة لأنه لا نوم عليها من أجل الخوف والحزن. قيل : (بوجه الأرض) وقيل : أرض من فضة يخلقها الله تعالى ، وقيل : جبل بالشام يمده الله تعالى يوم القيامة لحشر الناس عليه ، وقيل غير ذلك. قوله : (أحياء) خبر عن (هُمْ) وقوله : (بِالسَّاهِرَةِ) متعلق بأحياء ، ولو قال : فإذا هم أحياء بالساهرة لكان أولى.
قوله : (هَلْ أَتاكَ) الخ ، المقصود منه تسليته صلىاللهعليهوسلم وتحذير قومه من مخالفته ، فيحصل لهم ما حصل لفرعون ، كأن الله تعالى يقول لنبيه : اصبر كما صبر موسى ، فإن قومك وإن بلغوا في الكفر مهما بلغوا ، لم يصلوا في العتوّ كفرعون ، وقد انتقم الله منه ، مع شدة بأسه وكثرة جنوده ، و (هَلْ) بمعنى قد ، إن ثبت أنه أتاه ذلك الحديث قبل هذا الاستفهام ، وأما إذا لم يكن أتاه قبل ذلك ، فالاستفهام لحمل المخاطب على طلب الأخبار. قوله : (عامل في) (إِذْ ناداهُ) أي فإذا معمول لحديث لا لأتاك لاختلاف الوقت. قوله : (الْمُقَدَّسِ) أي المطهر ، حيث شرفه الله تعالى بإنزال النبوة فيه على موسى. قوله : (اسم الوادي) أي وسمي طوى ، لطي الشدائد عن بني اسرائيل ، وجمع الخيرات لموسى ، وهو واد بالطور ، بين أيلة ومصر. قوله : (بالتنوين وتركه) أي فالتنوين باعتبار المكان وكونه نكرة ، وتركه باعتبار البقعة وكونه معرفة ، وهما قراءتان سبعيتان. قوله : (فقال تعالى) أشار بذلك إلى أن قوله : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ) معمول لقول محذوف ، ويصح أن يكون على حذف إن التفسيرية أو المصدرية. قوله : (إِلى فِرْعَوْنَ) كان طوله أربعة أشبار ، ولحيته أطول منه وكانت خضراء ، فاتخذ القبقاب يمشي عليه خوفا من أن يمشي على لحيته ، وهو أول من اتخذه. قوله : (إِنَّهُ طَغى) تعليل للأمر. قوله : (تجاوز الحد في الكفر) أي بتكبره على الله واستعباده خلقه.