حرّ اليوم (وَلا يُغْنِي) يرد عنهم شيئا (مِنَ اللهَبِ) (٣١) النار (إِنَّها) أي النار (تَرْمِي بِشَرَرٍ) هو ما تطاير منها (كَالْقَصْرِ) (٣٢) من البناء في عظمه وارتفاعه (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ) جمع جمالة ، جمع جمل ، وفي قراءة جمالة (صُفْرٌ) (٣٣) في هيئتها ولونها ، وفي الحديث : «شرار النار أسود كالقير» والعرب تسمي سود الإبل صفرا لشوب سوادها بصفرة ، فقيل : صفر في الآية بمعنى سود لما ذكر ، وقيل : لا ، والشرر جمع شررة ، والشرار جمع شرارة ، والقير القار (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٣٤) (هذا) أي يوم القيامة (يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) (٣٥) فيه بشيء (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ) في العذر (فَيَعْتَذِرُونَ) (٣٦) عطف على يؤذن من غير تسبب عنه فهو داخل في حيز النفي ، أي لا إذن فلا اعتذار (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٣٧) (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ) أيها المكذبون من هذه الأمّة (وَالْأَوَّلِينَ) (٣٨) من المكذبين قبلكم فتحاسبون وتعذبون جميعا (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ) حيلة في دفع العذاب عنكم (فَكِيدُونِ) (٣٩) فافعلوها (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٤٠) (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ) أي تكاثف أشجار ، إذ لا شمس يظل من حرها (وَعُيُونٍ) (٤١) نابعة من الماء (وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٤٢) فيه إعلام بأن المأكل والمشرب في
____________________________________
ألف بينهما ، وهي قراءة العامة ، وقرىء شذوذا بألف بين الراءين ، مع كسر الشين وفتحها ، فالشرر جمع شررة ، والشرار بكسر الشين جمع شررة أيضا ، كرقبة ورقاب ، وبفتح الشين جمع شرارة ، وهي كل ما تطاير من النار متفرقا. قوله : (كَأَنَّهُ) أي الشرر ، فشبهه أولا بالقصر في العظم والكبر ، وثانيا بالجمال في اللون والكثرة والتتابع. قوله : (وفي قراءة) أي سبعية أيضا. قوله : (في هيئتها) الخ ، بيان لوجه الشبه. قوله : (لشوب سوادها) أي اختلاطه. قوله : (فقيل) الخ ، تفريع على الحديث وصنيع العرب. قوله : (وقيل لا) أي ليس صفر بمعنى سود ، بل هو باق على حقيقته. قوله : (القار) أي الزفت. قوله : (أي يوم القيامة) أي المدلول عليه بقوله : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍ) الخ.
قوله : (لا يَنْطِقُونَ) أي في بعض المواقف ، وفي بعضها يتكلمون ويعتذرون ، فلا منافاة بين ما هنا وبين قوله : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) ونحوه. قوله : (من غير تسبب عنه) جواب عما يقال : إن العطف بالفاء أو الواو على المنفي ، يقتضي نصب المعطوف ، فلم رفع في الآية ، وايضاحه : أن محل نصبه إذا كان متسببا عن المنفي نحو لا يقضي عليهم فيموتوا ، وأما إذا لم يكن متسببا كما هنا ، لأن النفي متوجه للمعطوف والمعطوف عليه ، فإنه يرفع. قوله : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) أي بين المحق والمبطل. قوله : (وَالْأَوَّلِينَ) إما عطف على الكاف في (جَمَعْناكُمْ) أو مفعول معه ، وهذه الجملة مقولة لقول محذوف أي يقال لهم (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ.) قوله : (حيلة) تسميتها كيدا تهكم بهم. قوله : (فَكِيدُونِ) أي فاحتالوا لأنفسكم وقاووني فلم تجدوا مفرا.
قوله : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ) الخ ، ذكر في سورة (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) أحوال الكفار في الآخرة على سبيل الاختصار ، واطنب في أحوال المؤمنين ، عكس ما فعل هنا ، ليحصل التعادل بين السورتين. قوله : (أي تكاثف أشجار) من إضافة الصفة للموصوف. قوله : (وَعُيُونٍ) (نابعة من الماء) أي ومن العسل واللبن والخمر ، كما في آية القتال. قوله : (مِمَّا يَشْتَهُونَ) راجع للعيون والفواكه. قوله : (بحسب