ككفار مكة فنهلكم (كَذلِكَ) مثل فعلنا بالمكذبين (نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) (١٨) بكل من أجرم فيما يستقبل فنهلكهم (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٩) تأكيد (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٢٠) ضعيف وهو المنيّ (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) (٢١) حريز وهو الرحم (إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) (٢٢) وهو وقت الولادة (فَقَدَرْنا) على ذلك (فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) (٢٣) نحن (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٤) (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) (٢٥) مصدر كفت بمعنى ضم أي ضامّة (أَحْياءً) على ظهرها (وَأَمْواتاً) (٢٦) في بطنها (وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ) جبالا مرتفعات (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) (٢٧) عذبا (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٨) ويقال للمكذبين يوم القيامة (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ) من العذاب (تُكَذِّبُونَ) (٢٩) (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) (٣٠) هو دخان جهنم إذا ارتفع افترق ثلاث فرق لعظمته (لا ظَلِيلٍ) كنين يظلّهم من
____________________________________
الْأَوَّلِينَ) وليس معطوفا على الفعل ، والاستفهام مسلط عليه ، لأنه يقضي أن المعنى : أهلكنا الأولين ، ثم أتبعناهم الآخرين في الهلاك ، وليس كذلك ، لأن هلاك الآخرين لم يحصل حينئذ ، وقرىء شذوذا بتسكين العين ، إما تخفيفا والجملة مستأنفة أو معطوفة على المجزوم ، ويكون المراد بالأولين : قوم نوح وعاد وثمود ، وبالآخرين : قوم شعيب ولوط وموسى ، وحينئذ فالمراد بالمجرمين ، كفار أمة محمد عليهالسلام. قوله : (فنهلكهم) أي في الدنيا كوقعة بدر.
قوله : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ) الخ ، هذا تذكير من الله تعالى للكفار ، بعظيم إنعامه عليهم ، وبقدرته على ابتداء خلقهم ، والقادر على الابتداء ، قادر على الاعادة ، ففيها رد على منكري البعث. قوله : (حريز) أي يحفظ فيه المني من الفساد. قوله : (إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) أي مقدار معلوم من الوقت ، قدره تعالى للولادة. قوله : (فَقَدَرْنا) بالتخفيف والتشديد قراءتان سبعيتان ، فالتشديد من التقدير والتخفيف من القدرة. قوله : (على ذلك) أي الخلق والتصوير. قوله : (كِفاتاً) مفعول ثان لنجعل. قوله : (مصدر كفت) المناسب أن يقول اسم مكان ، لأن كفت من باب ضرب ، فمصدره الكفت ، فالمعنى : ألم نجعل الأرض موضع كفت؟ أي جمع وضم.
قوله : (أَحْياءً وَأَمْواتاً) أي تضمهم في دورهم ومنازلهم في حال الحياة ، وتضمهم في بطنها قبورهم حال الموت ، ثم هي إما راضية عليه فتضمه ضمة الأم الشفوق ، أو غير راضية فتضمه ضمة تختلف بها أضلاعه. قوله : (جبالا مرتفعات) أي لولاها لتحركت بأهلها. قوله : (ماءً فُراتاً) أي من العيون والأنهار ، فتشربون منه أنتم ودوابكم ، وتسقون منه زرعكم. قوله : (من العذاب) بيان لما. قوله : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍ) توكيد لانطلقوا الأول. قوله : (ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) أي فرق شعبة فوق الكافر ، وشعبة عن يمينه ، وشعبة عن يساره ، ففيه اشارة لعظم الدخان ، لأن شأن الدخان العظيم إذا ارتفع يصير ثلاث شعب ، وقيل : يخرج لسان من النار فيحيط بالكفار كالسرادق ، ويتشعب من دخانها ثلاث شعب ، فتظلهم حتى يفرغ حسابهم ، والمؤمنون في ظل العرش.
قوله : (لا ظَلِيلٍ) صفة لظل ، و (لا) متوسطة بين الصفة والموصوف لإفادة النفي ، وهذا تهكم بهم ورد لما أوهمه لفظ الظل من الراحة. قوله : (كنين) أي ساتر. قوله : (بِشَرَرٍ) هكذا براءين من غير