الأمم (عُذْراً أَوْ نُذْراً) (٦) أي للإعذار والإنذار من الله تعالى ، وفي قراءة بضم ذال نذرا ، وقرىء بضم ذال عذرا (إِنَّما تُوعَدُونَ) أي كفار مكة من البعث والعذاب (لَواقِعٌ) (٧) كائن لا محالة (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) (٨) محيي نورها (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) (٩) شقت (وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) (١٠) فتتت وسيرت (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) (١١) بالواو والهمز بدلا منها ، أي جمعت لوقت (لِأَيِّ يَوْمٍ) ليوم عظيم (أُجِّلَتْ) (١٢) للشهادة على أممهم بالتبليغ (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) (١٣) بين الخلق ويؤخذ منه جواب إذا أي وقع الفصل بين الخلائق (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ) (١٤) تهويل لشأنه (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٥) هذا وعيد لهم (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) (١٦) بتكذيبهم أي أهلكناهم (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) (١٧) ممن كذبوا
____________________________________
للملقيات. قوله : (أي للإعذار) الخ ، أشار بذلك إلى أن (عُذْراً أَوْ نُذْراً) مفعولان لأجله ، والمعلل بهما هو الملقيات ، والمراد بالإعذار إزالة أعذار الخلائق ، وبالإنذار التخويف. قوله : (وفي قراءة بضم ذال نذرا) أي وهما سبعيتان ، وقوله : (وقرىء) هذه القراءة ليعقوب من العشرة ، والحاصل أن الضم في (عُذْراً) و (نُذْراً) على أنهما جمعان لعذير بمعنى المعذرة ، ونذير بمعنى الإنذار ، أو بمعنى العاذر أو المنذر ، والسكون على أنهما مصدران.
قوله : (إِنَّما تُوعَدُونَ) الخ ، جواب القسم ، وما بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، أي إن الذي توعدونه. قوله : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) النجوم : مرفوعة بفعل محذوف يفسره ما بعده من باب الاشتغال. قوله : (وسيرت) أي بعد التفتيت. قوله : (أُقِّتَتْ) أي جعل لهم وقت للقضاء بينهم وبين أممهم ، وهو يوم القيامة. قوله : (بالواو) أي على الأصل لأنه من الوقت ، وقوله : (وبالهمز) أي لأن الواو لما ضمت قلبت همزة وهما سبعيتان. قوله : (لِأَيِّ يَوْمٍ) متعلق بأجلت ، والجملة مستأنفة أو مقولة لقول محذوف ، أي يقال لأي يوم الخ ، والقول منصوب على الحال من مرفوع أقتت ، وقوله : (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) بدل من أي يوم بإعادة العامل ، والاستفهام للتهويل والتعظيم. قوله : (ويؤخذ منه) أي من قوله : (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) وقوله : (جواب إذا) أي المحذوف ، والتقدير (وقع الفصل).
قوله : (وَما أَدْراكَ ما) استفهامية مبتدأ ، وجملة (أَدْراكَ) خبرها ، والكاف مفعول أول ، وقوله : (ما يَوْمُ الْفَصْلِ) جملة من مبتدأ وخبر ، سادة مسد المفعول الثاني ، والاستفهام الأول للاستبعاد والانكار ، والثاني للتعظيم والتهويل. قوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ وَيْلٌ) مبتدأ ، سوغ الابتداء به كونه دعاء ، و (لِلْمُكَذِّبِينَ) خبره ، و (يَوْمَئِذٍ) ظرف لويل ، وكررت هذه الجملة في هذه السورة عشر مرات ، لمزيد الترغيب والترهيب ، والمراد بالويل قيل العذاب والخزي ، وقيل واد في جهنم فيه ألوان العذاب ، لما روي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «عرضت علي جهنم ، فلم أر فيها واديا اعظم من الويل». وقيل إنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم.
قوله : (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) الاستفهام تقريري وهو طلب الإقرار بما بعد النفي ، والمراد بالأولين الأمم السابقة من آدم إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، كقوم نوح وعاد وثمود ، والمراد بالآخرين كفار أمة محمد صلىاللهعليهوسلم. قوله : (أي أهلكناهم) أفاد بذلك أن الاستفهام داخل على نفي ، ونفي النفي أثبات نظير (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ). قوله : (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) العامة على رفع العين استئنافا أو معطوفا على جملة (أَلَمْ نُهْلِكِ