لا أن الكوكب يزول عن مكانه (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) (٥) النار الموقدة (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٦) هي (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً) صوتا منكرا كصوت الحمار (وَهِيَ تَفُورُ) (٧) تغلي (تَكادُ تَمَيَّزُ) وقرىء تتميز على الأصل تتقطع (مِنَ الْغَيْظِ) غضبا على الكفار (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ) جماعة منهم (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) سؤال توبيخ (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) (٨) رسول ينذركم عذاب الله تعالى (قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ) ما (أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) (٩) يحتمل أن يكون من كلام الملائكة للكفار حين أخبروا بالتكذيب ،
____________________________________
جواب عما يقال : إن الله تعالى جعل الكواكب زينة للسماء ، وذلك يقتضي ثبوتها وبقاءها فيها ، وجعلها رجوما يقتضي زوالها وانفصالها عنها ، فكيف الجمع بين الحالتين؟ فأجاب : بأنه ليس المراد أنهم يرمون بأجرام الكواكب ، بل بما ينفصل منها من الشهب ، وذلك كمثل القبس الذي يؤخذ من النار ، وهي على حالها. قوله : (أو يخبله) من الخبل بسكون الباء ، وهو الفساد في العقل أو في البدن. قوله : (لا أن الكوكب يزول عن مكانه) أي ففي الكلام حذف مضاف ، والتقدير : وجعلنا شهبها رجوما ، الخ. قوله : (وَأَعْتَدْنا) أي هيانا وأحضرنا. قوله : (لَهُمْ) أي للشياطين. قوله : (عَذابَ السَّعِيرِ) أي في الآخرة بعد الإحراق بالشهب في الدنيا.
قوله : (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا) خبر مقدم (عَذابُ جَهَنَّمَ) مبتدأ مؤخر. والمعنى : لمن كفر من الإنس والجن عذاب جهنم الخ. قوله : (إِذا أُلْقُوا فِيها) معمول لسمعوا ، والجملة مستأنفة ، قوله : (لَها) متعلق بمحذوف حال من (شَهِيقاً) لأنه نعت نكرة قدم عليها. قوله : (صوتا منكرا) أي فتشهق جهنم عند إلقاء الكفار فيها ، كشهقة البغل للشعير ، وهذا ما عليه ابن عباس ، وقيل الشهيق من الكفار عند إلقائهم فيها ، وعليه فالكلام على حذف مضاف ، أي سمعوا لأهلها. قوله : (وقرىء تتميز) أي شذوذا. قوله : (غضبا على الكفار) أي من أجل غضب سيدها وخالقها ، فتأتي يوم القيامة تقاد إلى المحشر بألف زمام ، لكل زمام سبعون ألف ملك يقودونها به ، وهي من شدة الغيظ تقوى على الملائكة وتحمل على الناس ، فتقطع الأزمة جميعها ، وتحطم على أهل المحشر ، فلا يردها عنهم إلا النبي صلىاللهعليهوسلم ، يقابلها بنوره فترجع ، مع أن لكل ملك من القوة ، ما لو أمر أن يقلع الأرض وما عليها من الجبال ويصعد بها في الجو ، لفعل من غير كلفة.
قوله : (سَأَلَهُمْ) أي سأل الفوج ، والجمع باعتبار معناه. قوله : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) مفعول ثان لسأل. والمعنى : سألهم عن جواب هذا الاستفهام. قوله : (قالُوا بَلى) الخ ، إنما جمعوا بين حرف الجواب والجملة المستفادة منه تأكيدا وتحسرا وندما على تفريطهم. قوله : (جاءَنا نَذِيرٌ) هذا من كلام الفوج ، ومن المعلوم أن كل فوج له نذير يخصه. قوله : (فَكَذَّبْنا) أي فتسبب عن مجيئه ، أننا كذبناه فيما جاء به من عند الله تعالى. قوله : (إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) أي بعيد عن الحق. قوله : (يحتمل أن يكون) أي قوله : (من كلام الملائكة) أي وعليه فقوله : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ) أي في الدنيا. قوله : (وأن يكون من كلام الكفار) أي من تمام كلام الكفار للنذر ، وهذا الاحتمال استظهره جمهور المفسرين.