(وَالْحَياةَ) في الآخرة ، أو هما في الدنيا ، فالنطفة تعرض لها الحياة ، وهي ما به الإحساس ، والموت ضدها أو عدمها قولان ، والخلق على الثاني بمعنى التقدير (لِيَبْلُوَكُمْ) ليختبركم في الحياة (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أطوع لله (وَهُوَ الْعَزِيزُ) في انتقامه ممن عصاه (الْغَفُورُ) (٢) لمن تاب إليه (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) بعضها فوق بعض من غير مماسة (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ) لهنّ أو
____________________________________
جبريل صلىاللهعليهوسلم والأنبياء عليهمالسلام يركبونها ، خطوتها مد البصر فوق الحمار ودون البغل ، لا تمر بشيء ولا يجد ريحها إلا حيي ، ولا تطأ على شيء إلا حيي ، وهي التي أخذ السامري من أثرها ترابا فألقاه على العجل فحيي ، على هذا الحياة والموت أمران وجوديان ؛ وتقابلهما من تقابل الضدين ، وقيل الموت عدم الحياة ، فتقابلهما من تقابل العدم والملكة. قوله : (في الدنيا) أي وهو القاطع للحياة الدنيوية ، وقوله : (وَالْحَياةَ) (في الآخرة) أي وهي حياة البعث ، ولكن هذا القول لا يناسب ترتب الابتلاء عليه في قوله : (لِيَبْلُوَكُمْ) لأن الابتلاء إنما يترتب على حياة الدنيا. قوله : (أو هما في الدنيا) أي فالمراد بالموت عدم الحياة السابق على الوجود ، والمراد بالحياة الحياة الدنيوية. قوله : (وهي ما به الإحساس) تفسير للحياة على كل من القولين ، وقوله : (ما به الإحساس) أي فتكون صفة وجودية يلزمها الحس والحركة. قوله : (أو عدمها) أي عدم الحياة أعم من أن يكون سابقا عليها أو متأخرا عنها. قوله : (قولان) أي في تعريف الموت. قوله : (والخلق على الثاني) أي على القول الثاني في تعريف الموت وهو أنه عدم الحياة. قوله : (بمعنى التقدير) أي وهو متعلق بالموجودات والمعدومات ، لأنه تعلق الإرادة والعلم الأزليان ، وأما على الأول فيتعلق به الخلق حقيقة ، لأنه أمر وجودي.
قوله : (لِيَبْلُوَكُمْ) أي يعاملكم معاملة المبتلي والمختبر ، فاندفع ما قد يتوهم من ظاهر الآية ، أن علمه تعالى يتجدد بتجدد المعلومات. قوله : (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً أَيُّكُمْ) مبتدأ ، و (أَحْسَنُ) خبره ، و (عَمَلاً) تمييز ، والجملة في محل نصب مفعول ثان (لِيَبْلُوَكُمْ) وإنما علق يبلو عن المفعول الثاني لما فيه من معنى العلم فأجرى مجراه. قوله : (أطوع لله) هذا أحد تفاسير في قوله : (أَحْسَنُ عَمَلاً) وقيل : أحسن عقلا ، وأورع عن محارم الله ؛ وأسرع في طاعة الله ، وقيل : (أَحْسَنُ عَمَلاً) أخلصه وأصوبه ، فالخالص إذا كان لله ، والصواب إذا كان على السنة ، وقيل غير ذلك.
قوله : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ) أي فالأولى من موج مكفوف ، والثانية من مرمرة بيضاء ، والثالثة من حديد ، والرابعة من نحاس أصفر ، والخامسة من فضة ، والسادسة من ذهب ، والسابعة من ياقوتة حمراء ، وبين السابعة والحجب صحارى من نور ، وهذا على بعض الروايات. قوله : (طِباقاً) إما جمع طبقة أو طبق أو مصدر طابق ، فالوصف به على الأول ظاهر ، وعلى الثاني مبالغة. قوله : (بعضها فوق بعض من غير مماسة) وكلها علوية لا غير ، وهذا مذهب أهل السنة ، وقال أهل الهيئة : إن الأرض كروية ، والسماء الدنيا محيطة بها إحاطة قشر البيضة من جميع الجوانب ، وللثانية محيطة بالجميع ، وهكذا العرش محيط بالكل ، والأرض بالنسبة لسماء الدنيا كحلقة ملقاة في فلاة ، وسماء الدنيا بالنسبة للثانية كحلقة ملقاة في فلاة وهكذا ، واعتقاد ما قاله أهل الهيئة لا يضر ، وليس في الشرع ما يخالفه.
قوله : (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ) خطاب للنبي عليهالسلام ، أو لكل من يصلح للخطاب ،