المطلقات والمرضعات (ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ) ضيق (عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ) أعطاه (اللهُ) على قدره (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (٧) وقد جعله بالفتوح (وَكَأَيِّنْ) هي كاف الجر ، دخلت على أي بمعنى كم (مِنْ قَرْيَةٍ) أي وكثير من القرى (عَتَتْ) عصت يعني أهلها (عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها) في الآخرة وإن لم تجىء لتحقق وقوعها (حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) (٨) بسكون الكاف وضمها فظيعا وهو عذاب النار (فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها) عقوبته (وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) (٩) خسارا وهلاكا (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً) تكرير الوعيد توكيد (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ) أصحاب العقول (الَّذِينَ آمَنُوا) نعت للمنادى أو بيان له (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) (١٠) هو القرآن (رَسُولاً) أي محمدا صلىاللهعليهوسلم منصوب بفعل مقدر ، أي وأرسل (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) بفتح الياء وكسرها كما تقدم
____________________________________
التقييد اخذه من السياق ، وإلا فالزوجة كذلك. واعلم أن المطلقة طلاقا رجعيا ، لها النفقة بإجماع المذاهب ، وأما بائنا فلا نفقة لها عند مالك والشافعي ، وعند أبي حنيفة لها النفقة ، وكل هذا ما لم تكن حاملا ، وإلا فلها النفقة بإجماع ، وللمرضع اجرة الرضاع بإجماع أيضا ، كما يقضي بالسكنى للجميع بإجماع. قوله : (مِنْ سَعَتِهِ) الكلام على حذف مضاف ، و (مِنْ) بمعنى على أي على قدر سعته ، والمعنى : أنه يجب على الأزواج النفقة على المطلقات والمرضعات والأزواج ، بقدر طاقته ، فيلزم الزوج الموسر مدان ، والمتوسط مد ونصف ، والمعسر مد ، هذا مذهب الشافعي ، ومذهب مالك يفرض لها قوت وإدام وكسوة ومسكن ، بقدر وسعه وحالها. قوله : (على قدره) أي فلا يكلف فوق طاقته. قوله : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) في هذا بشارة للفقراء ، أي فلا تقنطوا ، بل عن قريب يحول الله حالكم إلى الغنى ، وفي الحديث : «لن يغلب عسر يسرين». قوله : (وقد جعله بالفتوح) أي فقد صدق الله وعده ، حيث فتح عليهم جزيرة العرب وفارس والروم ، حتى صاروا اغنى الناس ، ولا خصوصية للصحابة بذلك ، بل العبرة بالعموم.
قوله : (وَكَأَيِّنْ) مبتدأ ، و (مِنْ قَرْيَةٍ) تمييز لها ، وقوله : (عَتَتْ) خبر. قوله : (بمعنى كم) أي فصار المجموع بمعنى كم. قوله : (عَتَتْ) ضمنه معنى أعرضت أو خرجت فعداه بعن. قوله : (يعني أهلها) أي فأطلق لفظ القرية ، وأريد أهلها مجازا ، من باب تسمية الحال باسم المحل. قوله : (لتحقق وقوعها) جواب عما يقال : إن الحساب وما بعده إنما يحصل في الآخرة ، فما وجه التعبير بالماضي؟ فأجاب : بأنه عبر بالماضي لتحقق وقوعه. قوله : (حِساباً شَدِيداً) أي بالمناقشة والاستقصاء. قوله : (فظيعا) أي شنيعا قبيحا. قوله : (تكرير الوعيد) أي المذكور في الجمل الأربع وهي قوله : (فَحاسَبْناها) و (عَذَّبْناها) (فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً.) قوله : (أو بيان له) أي عطف بيان. قوله : (منصوب بفعل مقدر) هذا أحسن احتمالات تسع ذكرها المفسرون ، وقوله : (أي محمدا) هو أحد أقوال ثلاثة في تفسير الرسول وهو أحسنها ، وقيل : هو جبريل ، وقيل : هو القرآن نفسه.
قوله : (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ) نعت لرسولا. قوله : (مُبَيِّناتٍ) حال من (آياتِ.) قوله : (كما تقدم) أي