فيه لتفسيره صلىاللهعليهوسلم بذلك ، رواه الشيخان (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) احفظوها لتراجعوا قبل فراغها (وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) أطيعوه في أمره ونهيه (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ) منها حتى تنقضي عدتهن (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ) زنا (مُبَيِّنَةٍ) بفتح الياء وكسرها ، أي بينت ، أو هي بينة ، فيخرجن لإقامة الحد عليهن (وَتِلْكَ) المذكورات (حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ) الطلاق (أَمْراً) (١) مراجعة فيما إذا كان واحدة أو اثنتين (فَإِذا
____________________________________
قوله : (لم تمس فيه) أي لم توطأ ، وهذا القيد لمنع الريبة ، فإنه ربما يحصل من ذلك الوطء حمل ، فتنتقل من الحيض لوضع الحمل ، وربما حاضت الحامل فحصل اللبس ، وحكم الطلاق في الطهر الذي مس فيه الكراهة عند مالك ، والحرمة عند الشافعي ، ولكن تحتسب به من العدة ، ولا يجبر على الرجعة فيه. قوله : (رواه الشيخان) فقد روي عن ابن عمر ، أنه طلق امرأته وهي حائض ، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ، ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ»). قوله : (احفظوها) أي احفظوا الوقت الذي وقع فيه الطلاق ، والخطاب للأزواج ، ويدخل الزوجات فيه أيضا ، لأن الزوج يحصي العدة ليراجع وينفق ويتزوج بأخت المطلقة ونحو ذلك ، وهي لتحل للأزواج ونحو ذلك. قوله : (لتراجعوا) أي وتنفقوا وتسكنوا.
قوله : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَ) الخ ، المراد المساكن التي وقع الفراق فيها ، وهي بيوت الأزواج ، وأضيفت اليهن لاختصاصها بهن من حيث السكنى ، وجمع بين النهيين إشارة إلى أن الزوج لو أذن لها في الخروج لا يجوز لها الخروج ، لأن العدة حق لله تعالى ، فلا يسقط بتراضيهما. قوله : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ) الخ ، الجملة حالية من فاعل (لا يَخْرُجْنَ) ومفعول (لا تُخْرِجُوهُنَ) والمعنى : لا يخرجن ولا تخرجوهن في حال من الحالات ، إلا في حال كونهن آتيات بفاحشة مبينة. قوله : (زنا) وقيل : الفاحشة أن تبذو على أهل زوجها ، فيحل اخراجها لسوء خلقها. قوله : (بفتح الياء وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (أي بينت أو هي بينة) لف ونشر مرتب.
قوله : (وَتِلْكَ) (المذكورات) أي من قوله : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) الخ. قوله : (فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) أي عرضها للعقاب ، وقيل : المراد بظلم نفسه ، الضرر الدنيوي الذي يلحقه بسبب تعديه ، ولا يمكنه تداركه بدليل قوله : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ) الخ ، وارادة العموم أولى. قوله : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ) الخ ، استئناف مسوق لتعليل ما تضمنته الجملة الشرطية ، والمراد بالأمر الذي يحدثه الله أن يقلب قلبه عما فعله ، بأن يرغب في الرجعة ويندم على الطلاق ، والمقصود منه التحريض على طلاق واحدة أو الثنتين ، وعدم ضرر الزوجة بالفراق ، ليكون في فسحة إذا غير الله الأحوال. قوله : (مراجعة) أي بأن يقلب قلبه من بغضها إلى حبها ، من الرغبة عنها إلى الرغبة فيها ، ومن حبه الطلاق إلى الندم عليه ، وبالجملة الذي ينبغي للعاقل إذا أراد الفراق أن يكون بالمعروف ، لأنه لا يدري ما يخلقه الله في قلبه بعد ذلك ، فإذا كان فراقه بالمعروف وحول الله الحال ، سهل له بعد ذلك الرجوع.
قوله : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) أي المطلقات طلاقا رجعيا المدخول بهن. قوله : (قاربن انقضاء