اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) به (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٠) (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ) أي واحدة فأكثر منهن أو شيء من مهورهن بالذهاب (إِلَى الْكُفَّارِ) مرتدات (فَعاقَبْتُمْ) فغزوتم وغنمتم (فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ) من الغنيمة (مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) لفواته عليهم من جهة الكفار (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (١١) وقد فعل المؤمنون ما أمروا به من الايتاء للكفار والمؤمنين ، ثم ارتفع هذا الحكم (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) كما كان يفعل في الجاهلية من وأد البنات ، أي
____________________________________
إلى الكفار مهرها ، وكان ذلك نصفا وعدلا بين الحالين ، ثم نسخ ذلك الأمر ، فمن ارتدت لا تقر ، ومن جاءتنا منهم مسلمة مهاجرة لا يأخذون لها مهرا. قوله : (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ) أي المذكورة في هذه الآية ، وقوله : (يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) استئناف أو حال بتقدير الرابط ، وقد جرى عليه المفسر قوله : (فاتَكُمْ) الخ ، هذه الآية أيضا من تتمة قوله : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) فهو بمعناه ومحصله : إنه إن فر شيء أي امرأة أو أكثر إلى الكفار فغنمتم ، فأعطوا الذين فرت أزواجهم من الغنيمة قبل قسمها قدر مهرها ، فكأنه دين على الكفار ، قال ابن عباس : لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين ست نسوة مرتدات ، فأعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أزواجهن مهور نسائهم من الغنيمة. قوله : (مرتدات) حال من أزواج. قوله : (فغزوتم) فسر العقوبة بالغزو لحصولها به.
قوله : (فَآتُوا) بمد الهمزة أي أعطوا ، روي أنه لما نزل قوله تعالى (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) أدى المؤمنون مهور المؤمنات المهاجرات إلى أزواجهن المشركين ، وأبى المشركون أن يؤدوا شيئا من مهور المرتدات إلى أزواجهن المسلمين ، فأنزل الله (وَإِنْ فاتَكُمْ) الخ. قوله : (ثم ارتفع هذا الحكم) أي نسخ حكمه فصار الآن ، إذا ارتدت امرأة ولحقت بالمشركين ، لا نأخذ لها مهرا بل ننتظرها ، فمتى قدرنا عليها استتبناها ، فإن تابت وإلا قتلت ، كما أن من فرت من الكفار مسلمة ، لا ندفع لها مهرا.
قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ) الخ ، أي من أهل المدينة أو مكة أو غيرهن ، ولكن الآية نزلت في فتح مكة لما فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مبايعة الرجال. قوله : (يُبايِعْنَكَ) أي يعاهدنك ، وسماه مبايعة لأنه مقابلة شيء بشيء ، وهو الايمان وتوابعه ، في مقابلة الجنة والرضوان ، ويبايعن مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، والكاف مفعول. قوله : (عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ) نهاهم في هذه المبايعة عن ستة أشياء ، ولم يقابلها بأوامر ، لأن النهي عن هذه ، يستلزم الأمر بضدها.
قوله : (وَلا يَسْرِقْنَ) روي أنه لما قال النبي لهن ذلك ، قالت هند امرأة أبي سفيان : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ، فهل علي حرج إذا أخذت ما يكفيني وولدي؟ قال : لا ، إلا بالمعروف ، فخشيت هند أن تقتصر على ما يعطيها فتضيع ، أو تأخذ فتكون ناقصة للبيعة ، فلذلك أمرها بالمعروف في الأخذ ، ومحل جواز الأخذ بغير إذن ، إذا كان غير محجور ، وأما إذا حجره بقفل ونحوه فيحرم الأخذ ، وإن أخذت تعد سارقة وتقطع يدها ، فلما قال رسول الله (وَلا يَزْنِينَ) قالت هند : أو تزني الحرة؟ فلما قال (وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) قالت : ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا ، وعرضت بولدها حنظلة فإنه قتل يوم