فيه (وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِ) أي دين الاسلام والقرآن (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ) من مكة بتضييقهم عليكم (أَنْ تُؤْمِنُوا) أي لأجل أن آمنتم (بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً) للجهاد (فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي) وجواب الشرط دل عليه ما قبله ، أي فلا تتخذوهم أولياء (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ) أي إسرار خبر النبي إليهم (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) (١) اخطأ طريق الهدى والسواء في الأصل الوسط (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ) يظفروا بكم (يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) بالقتل والضرب (وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) بالسب والشتم (وَوَدُّوا) تمنوا (لَوْ تَكْفُرُونَ) (٢) (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ) قراباتكم (وَلا أَوْلادُكُمْ) المشركون الذين لأجلهم أسررتم الخبر من العذاب في الآخرة (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ) بالبناء للمفعول والفاعل (بَيْنَكُمْ) وبينهم فتكونون في الجنة ، وهم في جملة الكفار في النار (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٣) (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ) بكسر الهمزة وضمها في الموضعين قدوة (حَسَنَةٌ فِي
____________________________________
قوله : (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ) إما مستأنف أو تفسير لكفرهم أو حال من فاعل (كَفَرُوا). قوله : (وَإِيَّاكُمْ) عطف على (الرَّسُولَ) وقدم عليهم لأنه المقصود ، فلذلك عدل عن اتصال الضمير إلى انفصاله ، لأنه لو قال : يخرجونكم والرسول لفات هذا المعنى. قوله : (أي لأجل أن آمنتم) الخ ، أشار بذلك إلى أن (تُؤْمِنُوا) في محل نصب مفعول له. والمعنى : يخرجونكم من أجل إيمانكم بالله. قوله : (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ) أي من مكة. قوله : (للجهاد) أشار به إلى أن جهادا وما بعده منصوب على المفعول له. قوله : (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ) بدل من تلقون ، بدل بعض من كل أو مستأنف ، ومفعول (تُسِرُّونَ) محذوف قدره بقوله : (إسرار خبر النبي) والباء في (بِالْمَوَدَّةِ) للسببية نظير ما تقدم. قوله : (وَأَنَا أَعْلَمُ) الجملة حالية من فاعل (تُلْقُونَ) و (تُسِرُّونَ.) قوله : (طريق الهدى) أشار بذلك إلى أن (سَواءَ السَّبِيلِ) مفعول (ضَلَّ).
قوله : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ) الخ ، كلام مستأنف مبين لوجه العداوة. قوله : (يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً) أي يظهروا العداوة لكم. قوله : (وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) عطف على جملة الشرط ، والجزاء فقد أخبر عنهم بخبرين : عداوتهم ومودتهم كفر المؤمنين. قوله : (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ) هذا تخطئة لحاطب في رأيه كأنه قال : لا تحملكم قراباتكم وأولادكم الذين بمكة على خيانة رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، وترك مناصحتهم ، ونقل أخبارهم ، وموالاة أعدائهم ، فإنه لا تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم الذين عصيتم الله لأجلهم. قوله : (من العذاب) متعلق بقوله : (لَنْ تَنْفَعَكُمْ.) قوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ) إما متعلق بما قبله فيوقف عليه ويبتدأ بيفصل بينكم ، أو متعلق بما بعده فيوقف على أولادكم ويبتدأ بيوم القيامة. قوله : (بالبناء للمفعول) أي مع التخفيف والتشديد ، وقوله : (والفاعل) أي معهما أيضا ، فالقراءات أربع سبعيات. قوله : (وبينهم) أي الأرحام والأولاد. قوله : (فتكون في الجنة) أي فلا ينبغي موالاة الكفار ، لأنه لا اجتماع بينكم وبينهم في الآخرة.
قوله : (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) لما بين سبحانه وتعالى حال من جعل الكفار أولياء في أول