والأهل المشركين فاستردّه النبي صلىاللهعليهوسلم ممن أرسله معه بإعلام الله تعالى له بذلك ، وقبل عذر حاطب
____________________________________
الثامنة ، وحنين كانت بعد الفتح في شوال من سنة الفتح ، فوري بها على عادته في غزواته ، والسورة نزلت في غزوة الفتح. قوله : (كتب حاطب بن أبي بلتعة) الخ ، أي وكان ممن هاجر مع النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو في الأصل من اليمن ، وكان في مكة حليف بني أسد بن عبد العزى رهط الزبير بن العوام ، وهذا بيان لسبب نزول قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الآيتين ، روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : بعثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنا والزبير والمقداد فقال : ائتوا روضة خاخ بالصرف وتركه موضع بينه وبين المدينة اثنا عشر ميلا ، فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ، فانطلقنا نهادي خيلنا أي نسرعها ، فإذا نحن بامرأة فقلنا : أخرجي الكتاب ، فقالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب ، فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة ، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا حاطب ما هذا؟ فقال : لا تعجل علي يا رسول الله ، إني كنت امرأ ملصقا في قريش ـ قال سفيان : كان حليفا لهم ولم يكن من أنفسها ـ وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم ، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم ، أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي ، ولم أفعله كفرا ولا ارتداد عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه ، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا ، وأن الله ناصرك عليهم ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : صدق ، فقال عمر رضي الله عنه : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنه شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، فأنزل الله عزوجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) قيل : اسم المرأة سارة من موالي قريش ، روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمن جميع الناس يوم فتح مكة إلا أربعة هي إحداهم ، وقيل إنها عاشت إلى خلافة عمر ، وأسلمت وحسن إسلامها ، وكان في الكتاب : أما بعد ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل ، وأقسم بالله لو لم يسر إليكم إلا وحده لأظفره الله بكم ، ولا يخذله موعده فيكم ، فإن الله وليه وناصره. وروي أن سارة المذكورة حين قدمت المدينة ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أمهاجرة جئت يا سارة؟ فقالت : لا ، فقال : أمسلمة جئت؟ قالت : لا ، قال : فما جاء بك؟ قالت : كنتم الأهل والموالي ، والأصل والعشيرة ، وقد ذهب بعض الموالي يعني قتلوا يوم بدر ، وقد احتجت حاجة شديدة ، فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني ، فقال عليهالسلام : فأين أنت من شباب أهل مكة؟ وكانت مغنية ، قالت : ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر ، فحث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بني عبد المطلب على إعطائها ، فكسوها وحملوها وأعطوها ، فخرجت إلى مكة ، وأتاها حاطب فقال : أعطيك عشرة دنانير وبردا ، على أن تلقي هذا الكتاب إلى أهل مكة ، وكتب فيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريدكم فخذوا حذركم ، فخرجت سارة سائرة إلى مكة ، ونزل جبريل فأخبر النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فبعث لها عليا إلى آخر ما تقدم. قوله : (فاسترده النبي) أي طلب رده بإرسال علي ومن معه. قوله : (ممن أرسله) أي وهي سارة ، والضمير المستتر في أرسل عائد على حاطب ، والبارز عائد على الكتاب. قوله : (بإعلام الله له) متعلق باسترده والباء سببية. قوله : (وقبل عذر حاطب) أي لأنه مؤمن بدري شهد الله له بالإيمان حيث قال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الخ.