بخلق المعجزة لهم (الْمُهَيْمِنُ) من هيمن يهيمن إذا كان رقيبا على الشيء ، أي الشهيد على عباده بأعمالهم (الْعَزِيزُ) القوي (الْجَبَّارُ) جبر خلقه على ما أراد (الْمُتَكَبِّرُ) عما لا يليق به (سُبْحانَ اللهِ) نزه نفسه (عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢٣) به (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ) المنشىء من العدم (الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) التسعة والتسعون الوارد بها الحديث ، والحسنى مؤنث الأحسن (يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٤) تقدم أوّلها.
____________________________________
كل نقص ، أو المؤمن من المخاوف والمهالك. قوله : (المصدق رسله بخلق المعجزة لهم) أي وأولياءه بالكرامات ، وعباده المؤمنين على إيمانهم وإخلاصهم ، لأنه لا يطلع على الإخلاص إلا هو. قوله : (أي الشهيد على عباده) وقيل معناه المطلع على خطرات القلوب. قوله : (القوي) أي فهو من عز بمعنى غلب وقهر ، فيكون من صفات الجلال ، ويصح أن يكون من عز بمعنى قل ، فلم يوجد له نظير ، فهو من صفات السلوب. قوله : (جبر خلقه على ما أراد) أي من إسلام وكفر وطاعة ومعصية ، فإذا أراد أمرا فعله ، لا يحجزه عنه حاجز ، فهو من صفات الجلال ، ويصح أنه مأخوذ من الجبر بمعنى الإصلاح ، كقولهم : جبر الطبيب الكسر أي أصلحه ، فيكون من صفات الجمال. قوله : (الْمُتَكَبِّرُ) من الكبرياء وهي التعالي في العظمة ، وهي مختصة به تعالى لما في الحديث القدسي : «الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحدة منهما قصمته ثم حذفته في النار». قوله : (عما لا يليق به) أي من صفات الحدوث.
قوله : (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أتى بالتسبيح عقب قوله : (الْمُتَكَبِّرُ) إشارة إلى أن هذا الوصف مختص به ، وينزه سبحانه عن مشاركة الغير له. قوله : (هُوَ اللهُ) كرر الهوية لأنها حقيقة الذات المتصفة بالكمالات ، فما يذكر بعدها من الصفات فهو كشف لها. قوله : (الْخالِقُ) أي الموجد للمخلوقات من العدم. قوله : (المنشىء) أي المبدع للأعيان المبرز لها. قوله : (الْمُصَوِّرُ) أي المبدع للأشكال على حسب إرادته ، فأعطى كل شيء من المخلوقات ، صورة خاصة وهيئة منفردة ، يتميز بها على اختلافها وكثرتها. قوله : (مؤنث الأحسن) أي الذي هو أفعل تفضيل لا مؤنث أحسن المقابل لامرأة حسناء ، ووصفت بالحسنى لأنها تدل على معان حسنة ، من تحميد وتقديس وغير ذلك ، ووصف الجمع الذي لا يعقل بما توصف به الوحدة وهو فصيح ، ولو جاء على المطابقة لقال الحسن بوزن آخر ، ويصح أن يراد من الحسنى المصدر ، ويقال فيه ما قيل في زيد عدل ، ووصف الجمع به ظاهر لأنه لا يثنى ولا يجمع. قوله : (يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الخ ، ختمها بالتسبيح كما ابتدأها به ، إشارة إلى أنه المقصود الأعظم والمبدأ والنهاية ، وأن غاية المعرفة بالله تنزيهه عما صورته العقول.